ذكرت في مقابلة عن «التعليم الخاص»، أجراها مقدّم البرامج المبدع يوسف الجاسم، أن إحدى مشاكل مدارس وجامعات، التعليم الخاص، تتعلق بأن الوكيل المعني بشؤونها غالبا ما يكون من خريجي المدارس الحكومية، وبالتالي لا يعرف طبيعة التعليم الخاص، ولا دور المدارس الخاصة ولا مشاكلها، وقد يكون بالتالي موقفه عدائياً، أو سلبياً منها.
ذكرت المقدمة أعلاها مدخلاً للحديث والتعليق على خبر تعيين السيد عبدالله سعود العبدالرزاق، رئيسا للجنة المناقصات المركزية، وهو أول رئيس يأتيها بخلفية وخبرة طويلة في قطاع المقاولات، وبالتالي يعرف المشاكل والمعوّقات التي يواجهها المقاول، والشريف بالذات، والممارسات التي تدفع البعض الى اللجوء الى وسائل غير مشروعة لتحقيق الربح، او تجنّب الخسارة.
لا أعرف السيد عبدالله شخصيا، والذي ترك المقاولات منذ سنوات، وكان له باع طويل فيها، ولكني على ثقة، من واقع ما سمعته من الكثيرين ممن عملوا تحت إمرته أو معه، بأنه كان مثالا نظيفا ونادرا في بيئة تعتبر عنوانا للفساد والإفساد. أقول ذلك من واقع خبرتي الشخصية الطويلة في مجال المقاولات ايضا، وكيف خسرت الكثير لرفضي مبدأ الرشوة. وأتذكر جيدا، وكان ذلك في أواخر السبعينات، قصصي مع بعض مراقبي الأشغال، الذين كنت أرفض طلباتهم للحصول على قروض، وهي طريقة مؤدبة لطلب رشوة، وكيف كانوا يقومون بدفع مبالغ لمراقبين غيرهم لتسلّم مهمة مراقبة مشروع مع شركة «لا تدفع»، لكي ينتقلوا للإشراف على أعمال شركات أكثر مرونة، وربما يكون هذا «التقليد» سائداً حتى الآن.
نتمنى أن يوفق السيد العبدالرزاق في عمله، كما نتمنى عليه أن يسعى جاهدا لتغيير قانون المناقصات البالي، ويلغي شرط ترسية المناقصة على أقل الأسعار! فقد خسرت الكويت كثيراً جدّا نتيجة هذا البند. فقد رست عشرات المناقصات على أقل العروض أو الأسعار، والتي تقل قيمتها بكثير عن القيمة التقديرية المسبقة للمشروع، ليكتشف المقاول بعدها خطأ حساباته، والعمل بعدها إما بالتضحية بقيمة الكفالة المقدمة، والتي لا تزيد عادة على %10، وإما السير في عملية تنفيذ المشروع، مع النية على تجنّب الخسارة، من خلال ما سيقوم بدفعه من رشى لجهات الإشراف والمراقبة، أو توريد اصناف أقل جودة، او السعي للحصول على أوامر تغييرية، وغير ذلك من وسائل غير مشروعة وغير أخلاقية.
ولو قام السيد سعود بتكليف جهة في لجنة المناقصات للنظر في مصير مئات المشاريع، الإنشائية بالذات، التي تمت ترسيتها على اساس أقل الأسعار، والتي كان فيها فارق كبير بين القيمة التقديرية للمشروع، وبين سعر المقاول، لوجد أن المال العام، والدولة ـــ بالتالي ـــ كانت هي الخاسرة في كل الأحوال.