كتبت في أبريل 2011 مقالا جاء فيه: «..بالرغم من التاريخ الطويل للعلويين في سوريا، وعددهم الكبير، فإنهم قاسوا دائما من سوء معاملة الحكومات لهم، وكانت أوضاعهم المادية سيئة على مدى تاريخهم الطويل، ولكن كل ذلك تغير مع وصول الرئيس حافظ الأسد الى الحكم عام 1970، حيث تحسنت أحوال الطائفة بشكل ملموس، وأصبح أفرادها من كبار رجال الأعمال وقياديي الجيش، وامتد نفوذهم الى كل قطاع، بعد ان كانوا الطبقة الأدنى في المجتمع السوري». وما يخيف نظام الحكم في سوريا حاليا ويدفعه الى مقاومة أي اصلاحات سياسية، ليس فقط حذره من أن أي تراخ أو تنازل سيؤدي في النهاية الى فقد العلويين لمكانتهم وامتيازاتهم وسيطرتهم على مقاليد الأمور، بل أيضا لما يحتمل وقوعه من أعمال انتقام بحق العلويين. وهنا نعتقد، أو نأمل، في أن الرئيس بشار الأسد يبحث عن مخرج مناسب للوضع الحالي المشتعل، فالوقت ليس في مصلحته، فمن الواضح أن لا مخرج بغير اجراء تغييرات دستورية شاملة، وهذا لا يمكن أن يتم بغير التنازل عن سياسة الحزب الواحد أو الطائفة الحاكمة، مع فرصة استمراره في الحكم ديموقراطيا، أو تسليم الحكم لغيره بطريقة شرعية سلسة، مع حفظ حقوق العلويين، ومكاسبهم ومكانتهم وكرامتهم، وابعاد شبح ما قبل 1970 عنهم، والأهم من ذلك ابقاء سوريا مجتمعا أقرب الى العلمانية، كما هي عليه الآن، لتجنب انزلاق الوضع الى صراعات طائفية قد تحرق المنطقة برمتها. فهل ينجح الرئيس السوري في ذلك؟ انتهى النقل بتصرف بسيط.
تساؤلاتي أجيب عليها، بطريقة غير مباشرة، قبل ايام، عندما أصدر عدد من زعماء الطائفة العلوية في سوريا وثيقة نأوا بأنفسهم فيها عن النظام، مع نفي انتمائهم للشيعة، وأنهم يمثلون نموذجا ثالثا «داخل الإسلام» كما قالوا. كما أكدت الوثيقة التزامهم بمكافحة «الصراع الطائفي». وأوضحوا أنهم يؤمنون «بقيم المساواة والحرية والمواطنة»، وأنهم يدعون إلى نظام علماني، يعيش فيه الجميع سواسية. وأكد البيان أن شرعية النظام «لا تكتسب إلا بمعايير الديموقراطية وحقوق الإنسان»..
يتبين من الوثيقة محاولة من كتبها لتبرير أو تفسير تهمة الخروج على الإسلام، بالقول إنهم أدخلوا بعض معتقدات اليهودية والمسيحية على عقيدتهم، ولا يرون في ذلك انحرافا عن الإسلام، بل دليل على ثراء وعالمية العلوية. وتمنى الموقعون على البيان أن «تحرر» وثيقتهم العلويين، الذين يشكلون %12 من سكان سوريا، من العلاقة الحالية بين الحكم والطائفة، لأن العلويين «كانوا موجودين قبل نظام الأسد وسيبقون بعده».
كما يتبين من البيان أن بعض «عقلاء» الطائفة يرغبون في قطع الحبل السري للطائفية بالحرب الأهلية الدائرة في بلادهم منذ أربع سنوات. ومن واقع البيان يتبين أن ما طالبنا به قبل أكثر من 4 سنوات هو الحل لخروج سوريا من محنتها.