لمن يريد في أيام سلام واستقرار الأمة ان يختلف مع المملكة العربية السعودية فهذا خياره وفي الوقت متسع للنقاش العقلاني او البيزنطي ولمناكفة الحاقدين والحاسدين ومداحرة أصحاب النضال الثوري الطفولي والاستماع لمغيبي ومضللي العقل العربي، وعلى رأس هؤلاء الراحل هيكل ممن عميت أبصارهم وبصائرهم فلم يروا أي إنجاز حضاري للسعودية ولا تحويلها صحاريها الى جنات وملئها بالمصانع والمزارع والجوامع والجامعات.
***
أما في هذا الوقت العصيب الذي نرى فيه تساقط عواصم الحاضرة العربية الواحدة تلو الأخرى وتحول أمنها الى فوضى، وتفتيت دولها وتفجر شلالات الدماء من أعناق شعوبها المنحورة من الوريد إلى الوريد، وهدم منازلها والمحو الكامل لكل إنجازاتها الحضارية الجديدة والتاريخية تحت دوي المدافع والبراميل المتفجرة، لمن يدعون الخلاف كذبا فيما بينهم، لم تعد نصرة السعودية هذه الأيام خيارا بل واجبا تحتمه نصرة النفس وحماية الأوطان وبقاء دول العروبة ورفع راية الإسلام.
***
وقد كتبنا في وقت مبكر، أي 3/6/2006 ومرة اخرى في 31/1/2011 اي بعد ايام من احداث 25/1/2011 في مصر، مقالين بمحتوى مختلف وعنوان واحد هو «العرب آخر الهنود الحمر»، تحدثنا في المقالين عن مخططات لتحويل شعوب المنطقة الى قبائل هنود تتناحر كي تنقرض، وذكرت في مقال عام 2006، وكانت المنطقة تضج من أعمال وأفعال بعض القيادات الثورية المتآمرة على سلامة أوطانها، ما نصه: الواقع القائم يشير الى اقتراب انقراض أوطان العرب العاربة والمستعربة، لذا أقترح ان نستبدل ألقاب القيادات «الثورية» الى ما يعكس تحول شعوبها الى هنود حمر ـ اي الى مسمياتها «السحابة الحمراء المدمرة» و«الغراب المحلق» و«الثور الجالس»، وأخيرا «الغوريلا المجنونة».
***
إن ما كان نظريات وتوقعات في عالم الغيب قد تحول بفعل فاعل الى حقائق كوارثية قائمة على الأرض، لذا فالخيار المتاح هو اما ان تلتف الأمة برجالها ونسائها وشبابها ومثقفيها ومفكريها وساستها وإعلامييها بمختلف توجهاتهم ومشاربهم حول المشروع السعودي المقاوم والممانع لتجزئة الأمة العربية، مبتعدين عن الجدل البيزنطي العقيم او سنشهد عن قريب، وأقصد الطريق الى 2020، تساقط المزيد من الأوطان العربية تحت سنابك مشاريع «الغزو الجديد» المتمثل في توزيع أدوار الأعداء بهدف قيادة مشاريع إثارة الفتن التي تنتهي دائما بقتل وتهجير الشعوب وسرقة ثرواتها، فهل هذا ما نريده لأوطاننا الآمنة؟!
***
آخر محطة:
(1) الفارق بين معسكر المقاومة والممانعة (كذا) القديم والذي تقوده الثوريات العربية المتآمرة على شعوبها وأوطانها والذي يضم بالعلن وتحت الأضواء الميليشيات المتآمرة على الشرعية وسلطة الدولة ويضم في الخفاء وتحت الغطاء كل أعداء الأمة ومن يرومون دمارها وسفك دماء أبنائها..
(2) وبين معسكر الممانعة والمقاومة الحقيقي الجديد الذي تقوده السعودية ويضم الدول الخليجية والعربية والإسلامية العاقلة والحكيمة هو تماما كالفارق بين الأرض والسماء والخير العميم والشر الدميم، فمعسكرهم يروم تدمير الأمة ونحر أبنائها وتهجير شعوبها وسرقة ثرواتها تحت الرايات المدغدغة الكاذبة وهو ما نجحوا في عمله، وليرَ أحد بلدا تدخلوا في شأنه وسلم من الفتن والهلاك والعراك، ومعسكر السعودية ودول الخليج ومن تحالف معهم يروم الإعمار ومنع الدمار والإطفاء وحقن الدماء، وانظر لمؤتمرات المصالحة التي رعتها دول هذا المعسكر والتي تستحق بحق وكمجموع جائزة نوبل للسلام، فلقد أطفأ مؤتمر الطائف 89 نيران الحرب الأهلية بين اللبنانيين، ومرة اخرى مؤتمر الدوحة عام 2008، والحال كذلك لمؤتمر مكة بين الفلسطينيين 2007 ومؤتمر قطر 2011 للسودانيين وقبلها مؤتمرات الكويت للفرقاء اليمنيين، لذا فالفارق واضح بين معسكر يعمل للهلاك والتدمير ومعسكر يهدف للاستقرار والتعمير!