مخالفات صارخة للدستور والقانون تمت من قبل احدى الجمعيات التعاونية، بعقدها لجمعية عمومية، قررت فيها طرح الجمعية للبيع بالمزاد، فهذا القرار باطل بحكم نصوص الدستور، وكذلك وفقاً لنصوص القانون رقم 24 لسنة 1979، بشأن الجمعيات التعاونية، الذي لا يجيز أي نص من نصوصه بيع الجمعية التعاونية، ولم يعط الجمعية العمومية أي سلطة أو اختصاص بذلك، باعتبار أن الجمعية نشاط تعاوني، لا يعتبر الربح هدفاً أساسياً له، وإنما يهدف إلى كسر احتكار أسعار السلع الاستهلاكية للناس، وتقديمها بأقل الأثمان، حتى يرفع من المستوى المعيشي والاجتماعي لأبناء المنطقة، ولذلك حدد القانون مساهمي الجمعية وقصرها عليهم، وجعل تملك أسهمها بأسعار رمزية وبملكية محدودة، كما منح هذه الجمعيات تسهيلات ومزايا من الدولة، لسمو الغاية التي تسعى إليها ونبل أهدافها ذات الطابع الاجتماعي، وذلك كله لضمان تحقيق هذا النشاط التعاوني لغاياته الجوهرية، ومنها إرساء مبادئ العدالة الاجتماعية ودعم كيان الأسرة وحماية الشباب والنشء، وتهيئة البيئة والظروف الملائمة معيشياً، وتحقيق تملك الأفراد الموزع لمنع احتكار مشاريع جمعيات السلع الاستهلاكية تحقيقاً للوظيفة الاجتماعية للملكية ورأس المال والثروة الوطنية، وفقاً لما سطره الدستور في هذا الشأن بأحكام المواد 7، 8، 9، 10، 11، 16، 18، 20، 22، 23. فالمادة 20 من الدستور مثلاً تنص على «الاقتصاد الوطني أساسه العدالة الاجتماعية، وقوامه التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص، وهدفه تحقيق التنمية الاقتصادية وزيادة الإنتاج، ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرخاء للمواطنين..»، ومن ثم فإن خطوة الجمعية العمومية لهذه الجمعية التعاونية، التي قررت بيعها تحت سمع ونظر وزارة الشؤون تمثل انقضاضاً على الجمعيات التعاونية، بهدف تمليكها للتجار والشركات، وهي مؤامرة لإجهاض تجربة رائدة في تملك وإدارة المواطنين لشؤونهم الاستهلاكية، وترتيبات مرفوضة انتهاكاً لأحكام الدستور، وتنقيحاً للمواد 16، 20، 22، 23 من الدستور.
ومن ثم لابد من التنبيه إلى خطورة هذه الخطوة، التي تجاوزت المشروعية الدستورية، وخرجت على أحكام القانون، مما يقتضي مبادرة وزارة الشؤون لإعلان بطلان تلك الإجراءات، وتحويل المسؤولين عن ذلك إلى النيابة العامة لارتكابهم جريمة من جرائم قانون الجمعيات التعاونية، بل والقانون الجنائي بشكل عام، اما إن تقاعست الوزارة فإنها تكون شريكاً في الجريمة، ومخالفة أحكام القانون، وعليها تحمّل تبعات ذلك، لأن ذلك يشكل خروجاً على أحكام الدستور، وليس فقط مخالفة لأحكام القانون. إن إسقاط هذا المشروع المنتهك للدستور ينبغي أن يكون الغاية التي يسعى لها الجميع، وإلا فإن ذلك سيكون مقدمة لسقوط حكومة تخصيص الجمعيات، بل وسقوط وزيرة التخصيص، كل حسب مسؤوليته ونهوضه بمسؤولياته من عدمه. وأطالب جميع أبناء الكويت بكل فئاتهم بوقف مهزلة بيع قوتهم اليومي وسلعهم الاستهلاكية، وجعلها عرضة لتحكم بعض التجار وجشعهم. وأن نرى تحركاً شعبياً على كل الأصعدة لمنع هذا المشروع المضر والتصدي لمن يدفع به.