لكل حرب أهلية أو خارجية أهداف واضحة ومعروفة منذ بدئها عدا الحرب الأهلية السورية التي أشعلها بغرابة شديدة النظام عبر ردة الفعل غير المفهومة على كتابات تطالب بإسقاطه لا يعرف احد من كتبها، خطت على أحد الحوائط وكان بالإمكان محوها بدلا من حرق وطن لأجلها، وزاد النظام الطين بلة بتصوير الشبيحة لأعمال إذلال وتعذيب يقوم بها الشبيحة ضد الآمنين ويطلب منهم خلالها تأليه حاكم البلاد، وكانت تلك الأشرطة بمثابة الوقود الذي يُصب على النيران التي بدأت بالاشتعال وساعد على تقوية وإعطاء المبررات للحركات الجهادية المسلحة المدافعة عن العقيدة (!) وقد اختفت تلك الأشرطة فور تأديتها لمهامها الشريرة.
***
وتستكمل الحرب السورية المجهولة الأهداف طريقها في عامها الخامس، فادعاء ان حرب النظام الحالية وحلفائه الروس يقصد منها القضاء على داعش وأخواتها أمر لا يصدقه أحد فأغلب العمليات موجهة للقضاء على الفصائل التي تحارب داعش، كما لا يصدق أحد ان الحرب الحالية على مدن شمال سورية وشرقها يقصد منها الحفاظ على وحدة التراب السوري، فالنظام لا يريد ذلك بدلالة الهدم والتدمير والتهجير والقتل المستمر لما يسمى بـ «المناطق غير المفضلة»، أي المناطق التي يرى النظام ان اهلها معادون تاريخيون له ومن ثم لا يرى مصلحة في بقاء تلك المحافظات ضمن الدولة القائمة أو الدويلة القادمة، كما ان الروس لا مصلحة لهم في إتمام مسيرة خارطة السلام في سورية التي تنتهي بانتخابات رئاسية وبرلمانية حرة منتصف العام القادم ومن ثم قد تُخرج حليفهم من الحكم وتقضي بخروجه على احلامهم القيصرية بخلق قواعد جوية وبحرية وبرية دائمة على مياه البحر الأبيض المتوسط الدافئة.
***
يتبقى الاعتقاد بأن هدف الحرب الاهلية القائمة في النهاية هو خلق دويلة طائفية في المنطقة الممتدة من اللاذقية حتى طرطوس، وحتى هذا السيناريو يطرح تساؤلات عدة فواضح ان قوات النظام وحلفاءه الدوليين والإقليميين قادرون الآن وبسهولة على تحقيق ذلك الهدف عبر تمركز جميع قوى النظام وحلفائه في تلك المنطقة او الدويلة وستوفر الموانئ والمطارات في اللاذقية وطرطوس معينا لا ينضب من السلاح الروسي القريب ولن يستطيع احد غزو او اسقاط تلك الدويلة المنيعة المدججة بالسلاح والرجال كمناعة دولة اسرائيل، بل الأرجح الا يرغب سكان المحافظات السورية الاخرى في ضم مناطق كحال الدويلة لا يرون صحة مشاركة سكانها المواطنة بعد تجربة 40 عاما مريرة معهم.
***
آخر محطة:
(1) قد يكون هدف الحرب الاهلية السورية هو بالدرجة الأولى خلق شروخ وجروح وآلام لا تلتئم بين المذاهب والأعراق في سورية والمنطقة بحيث لا يكتفى بخلق دويلة واحدة بل سيتبعها خلق العديد من الدويلات الاخرى في سورية والعراق وغيرهما، وستحصد القوى الدولية والإقليمية المختلفة الجوائز الكبرى من إعادة رسم الخرائط الجديدة عبر الاستيلاء على اراض وثروات و.. دويلات.
(2) طبقا لذلك السيناريو سنشهد لزاما في القريب اسلحة متطورة تشتمل على مضادات للطائرات والدروع بأعداد محدودة تخدم الاهداف، ستحصل عليها المعارضة السورية من الغرب كي يخلق توازن رعب يعزز من واقع «اللاغالب واللامغلوب» الكفيل بتشطير الاراضي السورية، وغدا لناظره قريب.