في مثل هذه الأيام قبل 100 عام جرت أحداث جسام غيرت مسار الأسرة الحاكمة في مصر، وغيرت معها لاحقا تاريخ مصر والمنطقة بأكملها، كونها ساهمت بشكل مباشر في وصول ملك ضعيف يدعى فاروق، وجدت الولايات المتحدة انه غير قادر على وقف التمدد الشيوعي بالمنطقة، فقام كيرمت روزفلت ومايلز كوبلاند بترتيب انقلاب عسكري ليلة 23 يوليو 1952.
***
ففي عام 1914 عزلت بريطانيا العظمى حاكم مصر الخديو عباس حلمي الثاني ابن الخديو المعزول اسماعيل لانحيازه للاتراك إبان الحرب العالمية الاولى وعينت بدلا منه السلطان حسين كامل الذي توفي عام 1917 ورفض ابنه وولي عهده الأمير كمال الدين حسين تولي الحكم ومصر تحت الانتداب البريطاني، اعتقادا منه ان تركيا ستنتصر في الحرب، فتم تعيين شقيق السلطان حسين الأمير احمد فؤاد سلطانا ثم ملكا على مملكة مصر والسودان، واستمر الحال حتى عام 36 عندما توفي الملك، ولم يستطع ولي العهد فاروق تولي الحكم حتى عام 37 كونه قاصرا.
***
في صيف 1952 حدث الانقلاب ومنعت الولايات المتحدة بريطانيا من إفشال الانقلاب بواسطة قواتها المرابطة على القناة وتنازل الملك فاروق عن عرشه لصالح ابنه الرضيع الامير احمد فؤاد، ولكنه اصطحبه معه في هجرته الى أوروبا مما جعل مجلس قيادة الثورة يعرض عرش مصر والسودان على الشيخ عبدالله الجابر الصباح الذي حضر الى مصر وتم التعامل معه على انه ملك، حيث استقبله في المطار الرئيس محمد نجيب ومعه رئيس الوزراء جمال عبدالناصر، كما خرج منفردا لتوديع الملك الليبي ادريس السنوسي في ختام زيارته الرسمية للمملكة المصرية عام 1953، ويقال ان سبب اعتذار الشيخ عبدالله الجابر عن عرش مصر هو نصيحة من شيخ الكويت الحكيم عبدالله السالم الذي تابع حجم التحديات الكبرى القادمة لمصر وعلى رأسها إشكالية جلاء الانجليز عن القناة، واحتمال انفصال السودان، ولم يكن الشيخ عبدالله الجابر تصادميا بطبعه.
***
في يونيو 1953 ألغى مجلس قيادة الثورة النظام الملكي، وتم تعيين محمد نجيب كأول رئيس للجمهورية في مصر (لاحقا تضمنت المناهج المدرسية ان جمال عبدالناصر هو اول رئيس جمهورية لمصر)، وفي نوفمبر 1954 عزل مجلس قيادة الثورة الرئيس محمد نجيب بعد توديعه للملك سعود الذي حضر لإصلاح ذات البين بين الضباط، وبقي منصب رئيس الجمهورية شاغرا ما بين عامي 54 و56، عندما تم انتخاب الرئيس جمال عبدالناصر رئيسا لمصر بنسبة 99.99%، وقد تكررت بعد ذلك تلك النسبة السحرية لدى الثوريات العربية، ولم يحطم ذلك الرقم الا صدام حسين حين حاز في الانتخابات التي جرت قبل سقوطه نسبة 100% من الاحياء والأموات.
***
آخر محطة:
(1) حاز الملك فاروق إبان حياته عدة ألقاب كان أشهرها الأمر الملكي رقم 71 لسنة 1933، والذي نص على ان يطلق على ولي العهد الأمير فاروق لقب «أمير الصعيد» بما هو أقرب للعرف البريطاني بتسمية ولي العهد «امير ويلز».
(2) حكم الملك فاروق وعمره 18 عاما، وترك الحكم بالتنحي وعمره 32 عاما، بينما تولى الرئيس عبدالناصر الحكم وعمره 32 عاما، وترك الحكم بالوفاة وعمره 50 عاما!