.. اسمه «يوهان فون غوته»، شاعر وأديب ألماني عبقري ولد في فرانكفورت عام 1749 و مات في 1832، بلاده خلدته بإطلاق اسمه «غوته» على المركز الثقافي لتعليم اللغة الألمانية والذي له فروع في كل أنحاء العالم بما فيها «الكويت»!!. كنت في الرابعة عشرة من عمري – فقط – حين قرأت أحد أهم أعماله وهي ملحمة شعرية اسمها «فاوست» مكونة من جزأين استغرق في كتابتهما 26 سنة!! يتحدث عن «الشيطان» الذي نزل إلى الأرض وانتحل اسم «مفستوليس» وشخصية عالم جامعي، بعد أن عقد رهانا مع الملائكة أنه يستطيع أن يدفع برجل من أهل الخير لأن يجعله من أهل «الشر»!! يلتقي «مفستو» بـ«فاوست» ويعقد معه اتفاقا ينص على الأتي: «بعني روحك وأنا خادمك في الدنيا وأحقق لك كل رغباتك، مقابل أن تصبح خادمي في الحياة الأخرى بعد الموت» كان «فاوست» رجل أبحاث وعلوم واختراعات، ولكنه تعثر في بعض منها ووقف عاجزا عن إكمالها، فوجد في اقتراح «إبليس- المتخفي» هذه فرصته لتحقيق مراده!! وافق العالم وتمت الصفقة، و باع الرجل روحه إلى «الشيطان»!! تفاصيل أخرى كثيرة ومشوقة في هذه الرواية الشعرية تنتهي بوفاة «فاوست» وقدوم «مفستو» مع بقية الأبالسة والشياطين لتنفيذ الاتفاق و«من يريد معرفة ماذا حدث فليقرأها في عطلة نهاية الأسبوع عوضًا عن ضياع وقته في.. «الأفنيوز»!!
في عام 1971، أقيمت احتفالات ضخمة في إيران بمناسبة مرور 2500 عام على إنشاء «الإمبراطورية الفارسية على يد «كورش – العظيم »!! يقول لي أحد المسؤولين الكويتين – السابقين – ممن رافقوا الأمير الراحل الشيخ صباح السالم الصباح إلى هذه الاحتفالات أنه: « لم ير – أو يسمع – عبر التاريخ ببذخ مثل هذا، فقط أقيمت خيام – وسط أثار فارسية قديمة – بداخلها رفاهية لا تجدها في قصور الملوك والسلاطين، كانت المرة الأولى التي أشاهد فيها على مائدة الغذاء: طواويس محشية، ليس دجاجا أو ديكا روميا أو خروفا أو ناقة، بل طاووسا كاملا بدا كأنه حيا ينام فوق الصينية، و جاء ساخنا مع بقية الأطباق من داخل جوف طائرات الخطوط الجوية الإيرانية التي أتت به من مطعم مكسيم الشهير في باريس، عشنا ثلاثة ليال مع رؤساء وملوك دول العالم في أجواء لا علاقة لها بدنيانا هذه، و كان يكفي ان يفتح الضيف فمه و يقول للإيرانيين انه: يشتهي لبن العصفور فيأتون لك بعشرة آلاف عصفور خلال دقائق و يحلبونها أمامك.
المائة مليون دولار التي انفقها الإمبراطور «أريا مهر – ملك الملوك» على حفلته تلك في ذلك الزمان تعادل اليوم 5 مليارات دولار، ذبح فيها الطواويس و حشاها حتى يعلن العالم أن «إيوان كسرى سيعود، و سوف يسترد سواره و تاجه من «سراقة بن مالك»!! كان الغرور والصلف والتجبر قد بلغ مداه عنده «الشاه» – بعد أن تحول إلى «فاوست» في ملحمة «غوتة»، وباع روحه إلى الشياطين الأميركية والبريطانية والإسرائيلية، بعد ذلك منذ أن تقلد «عرش الطواويس» عقب الإطاحة بوالده حتى أرسلوا له آية الله الخميني عام 1979، ووقف «وليام سوليفان» – رئيس المخابرات الأميركية المركزية السابق و السفير الأسبق في طهران في أرض مطار «مهراباد» الدولي و هو يدفع به دفعا ليركب طائرته – مطرودا و مدحورا ومهزوما – إلى الشتات باحثا عن قطعة أرض صغيرة يقف عليها، أو سقف بائس يضلله، أو جدار متهالك يسنده!! خاب ظنه، و ضاقت عليه أرض الرحمن على سعتها، فرفضت الولايات المتحدة الأميركية أن تتركه يدخل إليها ويقيم – و لو لأسبوع واحد حتى يدبر أمره – و منعت طائرته من دخول أجوائها، فعادت أدراجها يتوسل طيارها – عبر أجهزة اللاسلكي – مطارات الدول الواقعة هناك بأن تفتح له إحداها مدرجاتها، حتى جاءته موافقة – على استحياء – من « جزر البهاماس» التي سمحت له بالنزول و قضاء أسبوع واحد فقط لا غير ثم يغادر بعدها إلى حيث «ألقت أم قشعم برحلها»!! كان «الشاه» مصحوبًا «بالشاهبانو» و الأولاد و البنات – الأمراء و الأميرات – و أيضا ملاحقا من تهديدات ملالي الحكم الجديد في إيران لأي دولة تؤويه، فارتفع صوت من مصر للرئيس الراحل «أنور السادات» قائلا لصاحب «الطاووس»: «مرحبا بك في القاهرة»!
واشنطن هددت مصر.. «لا تستقبلوه»!! لكن «السادات» قال لهم، «طز.. فيكم، ده ساعدني في حرب أكتوبر و العرب ماينسوش الجميل » !! تراجعت أميركا لكنها اشترطت أن لا يصل إلى القاهرة بطائرة خاصة وأن لا يستقبله السادات بنفسه «حتى يرضى الإمام الخميني والملالي» – فوافق الرئيس المصري على الشرط الأول، و جاء «الشاه» وزوجته و أولاده على متن طائرة تجارية عادية ومع .. الركاب!! لكنه رفض الشرط الثاني وخرج إلى المطار لاستقباله بنفسه!!..
يشاء السميع العليم أن يداهم المرض الخبيث الإمبراطور الراحل وهو في مصر، حيث لم يمهله كثيرا فيها ودفن هناك و ما زال ملالي طهران يتحرقون شوقا لأن ينبش المصريون قبره ويلقون برفاته في البحر الأحمر، كرهوه حيا وميتًا، لكنهم ورثوا عنه كل عنجهيته وغروره وغطرسته وحلمه في استعادة سوار كسرى وتاجه من أحفاد الصحابي الجليل.. «سراقة بن مالك»!! «مفستو» الأميركي غدر بـ «فاوست» الإيراني بعد أن اشترى منه روحه في دنياه و تابع «مفستو – الملالي» رحلة المطاردة خلفه مستكثرين عليه قبرا يضم عظامه!! ملالي إيران هم النسخة الهجينة من شاه إيران وأسرته، وذات يوم، سيتم «حشوهم» برمال قبور ليست من تراب وطنهم، وقديما قيل… «مثلما تدين… تدان»!! إنهم رجال باعوا أرواحهم للشياطين!