جرت العادة أن رجال الدين – السنة والشيعة – وحين يقفون على المنابر ويلقون خطبهم يستشهدون بقصص وحكايات بعضها – ربما تكون صحيحة – والبعض الثاني من المؤكد أنها من “بنات أفكارهم”، لكنها قد تخدم الموضوع الذي يتحدث فيه الداعية «السني» او «السيد الشيعي»!! وبالطبع، يسبق رواية القصة – الأسطورة – أن يقول المتحدث: «نمى إلى علمي»، أو … «أخبرني أحد الثقات»، أو.. «قال جحدل بن الارندلي في كتابه المعنون: علم الحكوك في بناء المكوك».. إلى أخره، ثم يسرد ما طاب له من المقولات مثنى وثلاث وحتى.. عشار!!
كنت في زيارة سياحية لإنجلترا «يالله من فضلك» في صيف عام 1985، وأثناء التجوال – سيرًا على الأقدام في قرية صغيرة وسط الريف وكنا في يوم أحد شاهدت كنيسة صغيرة تعجّ بالناس لدرجة أن بعضهم كان يجلس خارجها فجلست معهم أستمع إلى «الداعية – المسيحي»، وهو يقرأ عليهم موعظته! سمعته يقول: «ذهبت امرأة الي القسيس في الكنيسة لتعترف عن خطاياها وتكفر عنها، فسألها – رجل الدين: ماذا فعلت في دنياك يا امرأة؟ فقالت: كنت أسير بين الناس بالحش والنميمة، فأغتاب هذا، وأتحدث عن ذاك، وقد ندمت فأرجو المغفرة»!! أكمل القسيس حكايته قائلا: «بعد أن سمع رجل الكنيسة حكايتها طلب منها أن تعود إلى بيتها وتأخذ مخدة محشوة بالريش وسكينا وتصعد إلى سطح أعلى بناية في منطقة سكنهم، ثم تمزق المخدة بالسكين حتى يتطاير الريش في كل اتجاه، وإلى كل سطح منزل، ثم تعود اليه وتخبره انها فعلت ما طلبه ليعطيها الأمر الثاني!! استجابت المرأة لرغبة القسيس وأخذت المخدة والسكين وصعدت الى أعلى سطح ومزقتها فطار الريش في كل اتجاه، ثم عادت اليه وسألته عن الأمر الثاني، فأجابها: عودي الآن واجمعي كل ريشة طارت وأعيديها إلى المخدة!! بكت المرأة وقالت له إن ذلك من المستحيلات، فرد عليها بقوله: إن النميمة التي سرت فيها بين الناس والحش بفلان وفلانة طار في كل اتجاه مثل ريش المخدة هذا، فهل أدركت الأن – يا سيدتي – مقدار الأذى الذي تسببت فيه لهؤلاء الناس الأبرياء واستحالة أن تسترجعي أكاذيبك التي نطقت بها ضد هؤلاء كل تلك السنوات من عمرك المديد»!! انتهت الحكاية!! ما قاله هذا القسيس الحكيم يقابله عند العرب والعاربة والمستعربة القول الشائع: «حظي كدقيق قمح فوق شوك.. نثروه، وقيل لحفاة يوم ريح …. اجمعوه! فصعب الأمر عليهم فقيل لهم .. إتركوه ! إن من أشقاه ربي كيف لكم أن … تسعدوه»؟!
آخر العمود:
باسم حماية المقدسات والثوابت: قتل «الطبري» ، وصلب «الحلاج» ، وحبس «المعري» ، وسفك دم «ابن حيان»، ونفي «ابن المنمر»، وحرقت كتب «الغزالي وابن رشد والأصفهاني»، وكفر «الفارابي» و«الرازي» و«ابن سينا» و «الكندي» ، وذبح «السهروردي» وطبخت أوصال «ابن المقفع» في قدر ثم شويت أمامه ثم طلب منه أن يأكل منها فرفض وقال بيتين من الشعر لسجانه قبل أن يودع دنياه هما: «إذا مامات مثلي مات بموته خلق كثير، وأنت تموت ليس يدري بموتك لا الصغير ولا … الكبير» !! و.. قطعوا رأس «أحمد بن نصر الخزاعي» وكفروا.. «ابن الفارض».. والقائمة تطول وأنهار الدماء تجري ثم يقولون: كل ذلك من أجل حماية الدين والثوابت والنواهي.. «قاتلهم الله أنى يؤفكون».
آخر كلمة:
كان يعمل عندي – قبل الغزو – سائق عراقي – مصاب بـ «عرج خفيف» سببه أنه حارب على الجبهة ضد إيران لثلاث سنوات، ولأن صدام حسين لا يسمح لأحد بترك «العسكرية» إلا .. ميتا أو مصابا، فقد قرر هو والعديد من رفاقه الجنود والضباط أن «يدعس» كل واحد منهم على «لغم مضاد للأفراد» بطريقة معينة بحيث يبتر الانفجار أصابع مشط القدم فقط ليصبح معاقا فيترك .. العسكرية!! .. تكبير!!