استضافتنا السيدة منتهى الرمحي في برنامجها الشائق «بانوراما» على قناة العربية للحديث عن تساقط دول الشرق الاوسط وتساءلت ان كان ما يحدث هو نتيجة مؤامرات تقوم بها قوى عالمية وإقليمية تطمع في تقاسم دولنا وخيراتنا، ام ان هناك مبررات اخرى للأحداث الجسام التي حدثت وتحدث بالمنطقة وهل هناك عودة لخرائط الشرق الاوسط القديم؟!
***
وكانت الإجابة: ان الساسة والمفكرين والمثقفين والشعوب يقفون امام الاحداث الكبرى في التاريخ كالحروب الكونية وغيرها بنظرتين: الاولى تسمى بنظرية المصادفة للاحداث التاريخية Accidental view of history، وضمنتها ان الاحداث تقوم على مبدأ المصادفة البحتة ودون تخطيط مسبق كنتيجة لسوء تخطيط وغباء وجنون بعض القادة ولا يستطيع احد- طبقا لتلك النظرية- ان يفعل شيئا لمنع الكوارث والحروب كونها وليدة اللحظة.
***
النظرية الثانية لقراءة الاحداث هي: النظرة او النظرية التآمرية للتاريخ The Conspiratorial View of History وضمنها ان الاحداث تتم عبر تخطيط مسبق لما يجري وكل ما يجري هو بفعل فاعل وتآمر شيطاني ولا يعلم العامة بالطبع شيئا عن تلك المخططات والمؤامرات التي يشارك فيها مخططون وينفذها قادة متورطون وينظر لها مفكرون ويروجها اعلاميون مأجورون.
***
وكانت إجابتي ضمن البرنامج ان التآمر على دولنا ان تم فهو ليس من قوى خارجية بل من الانظمة الانقلابية الثورجية التي سامت شعوبها وأقلياتها وأكثرياتها القهر والعدوان وغزت مكوناتها بالداخل قبل ان تغزو الدول الأخرى، وبالتالي مهدت لتقسيم دولها عبر تدمير اقتصاداتها وإشعال الحروب الأهلية فيها إبان حكمها وبعده، حيث قام ضباط مخابراتها وعسكرها بإكمال مخطط التآمر والتقسيم عبر تحالفهم المشبوه مع التنظيمات والميليشيات الطائفية المسلحة، لذا فكل ما يحدث في دول الشرق الاوسط من تدمير وتفتيت هو نتاج مباشر لتآمر حكامها الثوريين القمعيين لا غيرهم!
***
آخر محطة:
(1) هذه الحقيقة لا تعني ان الدول الاخرى لا تستفيد من اخطاء وغباء القادة الثورجية ومن يتبعهم من مفكرين وساسة واعلاميين ويروج حتى اليوم لافكارهم وتوجهاتهم التدميرية.. ولا عزاء للاغبياء!
(2) في نظري انه لا عودة قط لخارطة دول الشرق الاوسط القديم، وعلينا -رضينا ام ابينا- ان ننتقل لخارطة الشرق الاوسط الجديد وانبثاق الدول الجديدة بأقل قدر من الدماء والدمار فلا نطلب رد القضاء بل اللطف فيه.