ادعاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي تدل سيرته العلمية على الذكاء الشديد بأن المفتي أمين الحسيني هو من تسبب بحرق اليهود، يبرئ هتلر من المحرقة وهو ما يعاقب عليه القانون الاسرائيلي ويحرف التاريخ الذي يظهر بأن الطاغية النازي قتل ما يقارب المليون يهودي قبل لقائه بالمفتي في سبتمبر 1941.
***
الاستخبارات الإنجليزية كانت ومازالت قمة في الذكاء والدهاء فقد دست على هتلر مجموعة من العملاء والجواسيس العرب الذين ادعوا العداء الشديد للانجليز في وقت كانوا يعملون لحسابهم، ومن هؤلاء الذين زاروا هتلر الاعلامي العراقي الشهير يونس بحري صاحب اذاعة «هنا برلين حيّ العرب» الذي كانت شتائمه للانجليز هي رسائل مشفرة تنقل لهم يوميا الحال في بلاد الرايخ، وكذلك الصحافي اللبناني المرموق كامل مروة الذي رافق المفتي أمين الحسيني في هجرته الى ألمانيا النازية ولم تعاقب بريطانيا العظمى المفتي وبحري ومروة بعد انتهاء الحرب الكونية كما فعلت مع المتعاونين الآخرين مع النازية.
***
ولد أمين الحسيني بالقدس عام 1897 والتحق شابا بالأزهر عام 1912 الا انه لم يكمل دراسته لعدم تدينه وكان متعاطفاً بشدة مع الانجليز الذين التحق بمخابراتهم وارتحل معهم لمساعدتهم في عملياتهم بالسودان كما كشفت ذلك الباحثة والمؤرخة الفلسطينية هالة العوري في كتابها «كشف المستور فيما آلت اليه الأمور.. الذي قدمه وأثنى عليه الكاتب الفلسطيني الاشهر ناصر الدين النشاشيبي، وتضيف بأن الحاكم البريطاني لفلسطين المتصهين هربرت صمويل هو من ارجع الحسيني من السودان ودعمه للوصول لمنصب الافتاء بعد ان استبعد منافسيه ونصح الشاب ذا الـ25 عاما بأن يطلق لحيته ويستبدل بدله الأوروبية الأنيقة باللباس الأزهري وتنسب الكاتبة للسير كير كيرايد قوله «لقد حكناها جيدا فبكل بساطة ابلغنا المرشحين الآخرين للافتاء بان ينصرفا ويتركا الأمر لأمين الحسيني وهو ما تم».
***
وقام المندوب السامي هربرت صمويل بسلسلة اجراءات تسببت في الاثراء الشديد للمفتي امين الحسيني «مقابل ماذا؟» فقد ضم اليه كافة الاوقاف الاسلامية فاصبح الشاب يحصل على 60 ألف جنيه فلسطيني في العام، اضافة الى راتب شهري قدره سبعمائة جنيه، وضمن حرص المندوب السامي على انماء ثروة الحاج أمين الحسيني تم الايعاز للثري اللبناني جورج انطونيوس وهو عديل والتر سمارت المستشار الشرقي بالسفارة البريطانية بالقاهرة باستئجار دار يملكها المفتي بثمن باهظ جدا ظل حديث الناس لسنوات وكان المفتي يعبر كل صباح شوارع القدس ليتناول طعام الافطار مع صديقه جورج وزوجته كيتي.
***
آخر محطة: هل يعقل لمن كانت هذه سيرته ان يفيد القضية الفلسطينية بأي شكل أو ان ينصح الطاغية النازي بقتل اليهود؟ القضية بكل بساطة ان الاريب نتنياهو اراد الاستفادة من المفتي ميتا كما استفادوا من مواقفه التي تدعي التشدد.. حيا!