تجرى هذه الأيام أحد أهم وأخطر الانتخابات في تاريخ مصر نظرا لحجم التحديات الإقليمية والمحلية غير المسبوقة في تاريخ أرض الكنانة وقد بدأ توازيا مع الانتخابات صراع فتاوى، حيث قام بعض المشايخ بتحريم العملية الديموقراطية بشكل عام كونها تسمح للمرأة وغير المسلم بالتصويت بينما قام مشايخ آخرون بالتشدد بالرأي الآخر، حيث جعلوا التصويت واجبا دينيا كحال الصلاة ومن لم يصوت كمن لم يصل.
***
وقد منح دستور مصر الجديد المكون من 247 مادة والذي فرض السفير عمرو موسى توقيعه عليه، صلاحيات واسعة للبرلمان، حيث منحه حق محاكمة وعزل رئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي الأصوات، ومثل ذلك رد التشريعات المقدمة منه، كما جعل حل مجلس الشعب ليس حقا مطلقا للرئيس بل مرهون باستفتاء شعبي على ألا يحل مرتين لنفس الأسباب، بالمقابل منح الدستور لرئيس الجمهورية بعد التشاور مع رئيس الوزراء حق تعيين وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل وهي الوزارات السيادية التي اعتدنا في دول الخليج أن تمنح لأبناء الأسر الحاكمة لأهميتها ولإعطاء القيادة السياسية بالدول دورا في عمل الحكومات!
***
ولن يكون الإقبال هذه المرة بحجم الإقبال بالمرات السابقة عندما كانت هناك منافسات حادة بين الكتل المختلفة، فالانتخابات القائمة هي في الأغلب تنافس بين كتل مستقلة، وكان جيدا عدم الإعلان عن نتائج تصويت المصريين في الخارج كما حدث في السابق ومن ثم تم ضم أصوات تلك الانتخابات للانتخابات العامة وهو الأمر المعمول به في جميع الديموقراطيات الأخرى، ونظرا للتجربة الطويلة في سلبية المشاركة بالانتخابات بمصر وزحمة المواصلات في المدن الرئيسية فقد يكون من الأفضل العمل مستقبلا على إقرار التصويت باستخدام الإنترنت من المنازل للوصول لنسب تصويت عالية.
***
آخر محطة:
(1) نسب التصويت في الانتخابات الحالية لا تعكس سلبا أو ايجابا مدى قبول أو رفض الشعب المصري للقيادة السياسية القائمة.
(2) في المجلس الحالي أو في المجلس القادم عام 2020 ستشهد مصر في غياب وجود حزب أغلبية للنظام ما شهدته الكويت خلال الـ 50 عاما الماضية من لعبة ديموقراطية لا تملك بها الحكومة أغلبية في البرلمان، حيث تتفشى الاستجوابات وتكثر الأزمات السياسية والاستقالات الحكومية وتتعطل التنمية بالتبعية ويزداد الفساد التشريعي الذي يعزز الفساد في السلطات الأخرى.