رأى بعض الزملاء ان مقالتي السابقة، التي استأنفت فيها كتابتي بـ القبس كانت متشائمة وسوداوية! والحقيقة انني كتبتها وفقاً لمشاعري النفسية تجاه ما أراه أكثر منها تحليل سياسي لما يجري.
اليوم سأكتب بعيدا عن المشاعر، ولكن وفقاً للمعطيات لما يجري على الارض. فها هي أميركا تخلي معسكراتها التي لم نكن نراها الا عندما نسير في الطرق البعيدة كطريق الاديرع وعريفجان والسالمي أو ننتقل للنزهة في فيلكا، واليوم نسمع عن سحبها لاخر حاملة طائرات من الخليج بعد أن اطمأنت الى وجود من يحمي هذا الخليج (!) ولعل سكوتها عن عربدة خصمها اللدود في سوريا دليل على ان المنطقة لم تعد من أولوياتها في استراتيجيتها الخارجية! ان لم تكن هي نفسها شريكا في ما يجري وراضية عما يحدث! اليوم صرنا نجد تفسيرا لسكوت أميركا عن تدمير ايران الممنهج للعراق وتهديدها لجيرانها! اليوم بدأنا نفهم اللعبة السياسية الكبيرة التي تجري في منطقتنا العربية، بينما كنا نحن مشغولون بدعم الانظمة القمعية وافشال انتفاضة الشعوب العربية المقهورة، التي لو تمت بنجاح لتم تخريب كل هذه المخططات العدوانية على منطقتنا! ولعلنا الان والان فقط استوعبنا كلام السفيرة الاميركية السابقة في الكويت عندما قالت ان الكويت لن تكون موجودة بعد عام 2020!
لنأت الان نتحدث عن الاتفاقية الامنية بين الكويت والولايات المتحدة الاميركية، والتي يرى البعض انها ضمان كاف لحفظ أمن الكويت. اذكر عندما كنت عضوا في البرلمان في نهاية التسعينات دعتنا لجنة الشؤون الخارجية الى اجتماع بحضور وزير الخارجية انذاك لعرض الاتفاقية الامنية التي وقعتها الكويت مع الدول الكبرى، وكانت خلاصة القول ان الولايات المتحدة تتعهد برد أي عدوان خارجي يقع على الكويت خلال عشرين دقيقة! ولعل هذا ما جعل الكويت تفتح أراضيها للقوات الاميركية لتعمل القواعد العسكرية وتنشئ المطارات المؤقتة وتخزن كميات كبيرة من الاسلحة، وكنا نظن وما زلنا انها للدفاع عن الكويت من أي اعتداء خارجي! والحمدلله لم يتم هذا الاعتداء حتى الان على الأقل مع اننا شاهدنا هذه القواعد تستعمل لتحقيق خطط أميركية لا علاقة لنا مباشرة فيها! ولكن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه اليوم: هل ما زالت أميركا تحترم تعهداتها؟ هل ما زالت الاتفاقية الامنية سارية؟ هل هذه الاتفاقية دفاعية أم غير ذلك؟ وان كانت الاجابة بنعم فلماذا نشاهد تغير السياسة الاميركية في المنطقة لمصلحة من نظنه مصدر الخطر على الكويت وأمنها؟! أسئلة مشروعة تدور في أذهان أبناء البلد ويزيد من الحاحنا على معرفة الاجابة ما نشاهده من تصرف بعض الكويتيين في التعامل غير المشروع مع ثروات الديرة وخيراتها في غياب الرقابة الشعبية على النهب المبرمج، ويأتي بعض المحسوبين على العدو الحقيقي ليؤكد من خلال تصرفاته ان الكويت على كف عفريت! ونبقى نحن لا نملك الا ان نتمتم.. الحافظ الله!