المبادرة التي تقدم بها أمير قطر الشاب الشيخ تميم بن حمد آل ثاني نحو الجارة إيران، وإبداؤه استعداد قطر لاستضافة حوار على أرضها بين إيران ودول الخليج دون واسطة خاصة ان الخلاف ـ كما أتى في الخطاب ـ سياسي يمكن حله بسهولة إن حسنت النوايا وليس نزاعا طائفيا معقدا بين السنة والشيعة، ودعا سموه للاتفاق على قواعد تنظم العلاقة بين طهران ودول الخليج تقوم على أساس عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، هو ما تدعو اليه كل التشريعات والقوانين الدولية التي تحث على السلام بين الدول.
***
والحقيقة ان تلك المبادرة المستحقة تحتاج الى ان توسع دائرتها كي تشمل كل الدول الخليجية والعربية وان يضم لها الجار المؤثر الآخر تركيا، وذلك بعكس ما ذكره المتحدث باسم الحكومة الإيرانية الذي رحب بالمبادرة القطرية، وان تلاها بالقول إن العلاقة مع السعودية تحتاج إلى دراسة خاصة، وهو ما يمكن ان يفسر بأنه رفض مبطن للمبادرة حيث يصعب تصور إمكانية اللقاء في الدوحة للأطراف المعنية دون السعودية.
وقد سبق ان دعت قطر الرئيس الايراني السابق احمدي نجاد لحضور القمة الخليجية التي انعقدت بالدوحة أواخر عام 2007 وقد طرح الرئيس الايراني آنذاك حزمة من 12 مقترحا تشمل إنشاء منظمة للتعاون الاقتصادي والاستثمار المشترك في الطاقة وإنشاء منظمة للتعاون الأمني بين بلاده ودول مجلس التعاون، إضافة الى تعزيز العلاقات العلمية والتربوية والصحية والاقتصادية وتوقيع اتفاقيات للتجارة الحرة بين الأطراف المعنية، وواضح ان شيئا من ذلك لم يحدث بسبب النزاعات السياسية المستمرة والقائم أغلبها على معطى التدخل في شؤون الدول الأخرى.
***
ان ساحلي الخليج بحاجة للمصارحة قبل المصالحة ووضع جدول أعمال جدي لحل الإشكالات، ونقل العلاقة القائمة حاليا على معطى خسارة ـ خسارة للطرفين الى علاقة ربح ـ ربح عبر وقف عمليات التوتر السياسي والشحن الطائفي ودعم الميليشيات الخارجة على الشرعية في الدول العربية، فقد استطاعت أوروبا القفز على العلاقات الدموية القائمة بين دولها وطوائفها منذ قرون إلى علاقات ود وصداقة وتعاون انتهى بالوحدة السياسية والاقتصادية رغم اختلاف الأعراق والأديان والطوائف، ولا يوجد في تاريخ دولنا وإيران وتركيا حتى شيء قريب من العداء الأوروبي ـ الأوروبي ثم يمكن توازيا النظر للعلاقة العربية مع الجارين الحبشة واسرائيل كي يعم السلام النهائي أرض السلام التي غطيت بالحروب والدماء.
***
آخر محطة:
(1) الحل الأمثل لما أتى من اتهامات من القيادة الإيرانية للسعودية حول العناية بالأماكن المقدسة، هو توجيه القيادة بالمملكة دعوة رسمية إلى القيادة الإيرانية للقيام بأداء مناسك العمرة هذا العام والحج العام المقبل كي ترى على الطبيعة مدى عناية المملكة بالمشاعر المقدسة والتطور المذهل الذي حدث بها، فمن رأى ليس كمن سمع.
(2) الملاحظ ان الدول الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط من عربية وإيرانية وتركية وحبشية لديها من سعة المساحة والثروات ما لا يحوجها للطمع في أراضي البلدان الأخرى، فعلام الخلاف؟!
(3) لو تحقق السلام العاقل والعادل بين العرب وإسرائيل لأصبحت إسرائيل بقدراتها وتقدمها العلمي القاطرة التي تستطيع ان تسحب المنطقة من ظلام التخلف والحروب والنزاعات الى المستقبل المشرق والذي ستكون هي جزءا مهما منه وتتحول العلاقة من معادلة خسارة الطرفين الى علاقة ربح جميع الأطراف!