من يقرأ تاريخ العرب الحديث (1915 ـ 2015) سيجد طغيان الحس الوحدوي الشديد على مشاعر الشعوب والمواطنين العرب، فقد كان هناك القوميون اللبنانيون ممن حرصوا على توحيد الجنوب اللبناني وسهل عكار ومدن الساحل مع الجبل لخلق لبنان الكبير، ثم هناك توجه القوميون السوريون ودعاة الهلال الخصيب لتوحيد بلدان الشام الأربعة مع العراق وحتى قبرص لخلق دولة كبرى وسوقوا توازيا لوحدة الجزيرة العربية واليمن ووادي النيل ودول المغرب العربي، وقد رفض السنة والعلويون والدروز الدويلات التي منحها لهم الفرنسيون وثاروا ضدها مطالبين بضمهم في دولة واحدة!
***
كما كان هناك وحدويون عرب كحال رئيسي الوزراء مصطفى النحاس ونوري السعيد اللذين عملا بعد لقائهما في يوليو 1943 على تحقيق ذلك الحلم، كما كان هناك داعون للوحدة الاسلامية، خصوصا بعد سقوط دولة الخلافة العثمانية كحال الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، بعد ان نجح في توحيد الجزيرة العربية تحت رايات اسلامية، اضافة الى العديد من الحركات السياسية الاسلامية التي نشأت في العديد من الدول العربية للمطالبة بتلك الوحدة.
***
بعد انقلاب يوليو 1952 في مصر بدأ مشروع ضرب أحلام الوحدة العربية لدى الشعوب العربية تحت رايات تحقيقها والحفاظ عليها، فتم العمل على فصل السودان ثم سورية وفقدان غزة مرتين وإساءة العلاقة مع جميع الدول العربية عبر التدخل في شؤونها الداخلية والهجوم الاعلامي المتواصل عليها في خطب عبدالناصر التي كان يكتبها هيكل وعبر اذاعة صوت العرب، وتم افشال مشاريع الوحدة الثلاثية والرباعية مع الدول العربية الاخرى والمساهمة الخفية في إيصال نظامي البعث للحكم في بغداد ودمشق حيث واصلوا مشروع تكفير شعوبهم بالوحدة العربية عبر قمعهم واضطهادهم وإفقارهم تحت رايات «أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة»، والامر ذاته مع انظمة امين الوحدة العربية (كذا) ووريث عبدالناصر العقيد القذافي والنميري وحكام اليمن الجنوبي من «القوميين العرب» ومثلهم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح الذي حول حلم الوحدة اليمنية الى كابوس احتلال واضطهاد ضد الجنوبيين اقتداء بتكفير حليفه صدام الشعب الكويتي بطموحاته الوحدوية.
***
آخر محطة: كما تمت محاربة العروبة بزرع انظمة ثورية ترفع شعارات العروبة، تتم محاربة الاسلام عبر زرع ميليشيات قمعية جاهلة ترفع شعارات واسماء اسلامية بالتعاون مع جيوش واسلحة واموال من دمروا العروبة باسم العروبة.. وأمجاد يا عرب ويا مسلمين امجاد!