لو شخّص نطاسي بارع مرضا خطيرا لأحد الاشخاص ووصف له الروشتة الناجعة وبدأ المريض يتشافى الا انه وبرعونة كبيرة قام بالقاء زجاجة الدواء على الارض فكسرها، واخذ يقفز على زجاجها حتى اسال دمه، مما اضطر الطبيب هذه المرة للقيام بعملية جراحية لوقف النزيف، في المثال السابق الملوم على الدماء هو المريض، وليس الطبيب الجراح، وهذا تماما حال اليمن الجريح مع الطبيب العربي الذي عالجه بطاولة الحوار الوطني ومنح حصانة للرئيس المخلوع واشراك الحوثيين في الحوار رغم حروبهم الست على الدولة.
***
واضح بعد 5 سنوات من علاج المرض السوري بالترياق الايراني الداعم للنظام، والدواء التركي الداعم للمعارضة ان الطرفين لم ينجحا في وقف النزيف او علاج الحالة بل زادت المسألة السورية دموية وتعقيدا، وقد يكون الوقت قد حان لتجربة العلاج العربي الذي جرب بنجاح في السابق مع اليمن ولبنان (مؤتمر الطائف) والممثل بدول مثل دول مجلس التعاون والعراق ومصر والجزائر للتدخل لوقف شلالات الدماء النازفة وإعادة المهجرين ووقف الهدم واحضار الاطراف المختلفة لطاولة حوار وحل تنعقد في عاصمة عربية كالقاهرة فطاولات الحوار الاخرى لا تحل شيئا بل ثبت انها تطيل امد الازمة فقط بالوعود الكاذبة التي توزعها.
***
واول اعمدة الحل العربي الحكمة والتعقل وطلب الممكن من كل الاطراف لا الحلم بالمستحيل فمن ناحية وكما أقر النظام فإنه لا يستطيع حسم المعركة لصالحه، في المقابل واضح ان القوى المؤثرة في العالم وفي الاقليم لن ترضى استبدال النظام القائم بأنظمة يعتبرها العالم ارهابية وخارجة على الشرعية الدولية كحال القاعدة وداعش، كما ان موازين القوى على الارض لا تعطي الحق لاي طرف في فرض شروط المنتصر على الآخر، لذا ستبقى حرب الاستنزاف تلك لعقود قادمة ما لم تتدخل اطراف كالجامعة العربية وامانتها العامة التي مازالت تغط في غيبوبة، وبالتنسيق مع مجلس التعاون الخليجي فلن يحك ظهرنا بالنهاية ويداوي جراحنا الا أيدينا واظافرنا.
***
آخر محطة: بعض المبادرات الاقليمية الخجولة لحل المسألة تبدو وكأنها فقط لرفع العتب وللقول عندما تزداد الامور سوءا وهو الامر المرجح، لقد حاولنا كما شاهدتم وقف الدماء، الا ان الدول لم تتجاوب لذا فنحن غير مسؤولين عما يحدث.!