أحد أهم أسباب إشكالات الدول الثورية العربية الحالية والحروب الأهلية القائمة والدمار الشامل القائم بتلك الدول كالعراق وسورية وليبيا واليمن هو حقيقة ان جيوشها التي أسسها الطغاة السابقون واللاحقون لم يكن ولاؤها للأوطان والشعوب بل كان الولاء بالمطلق للقائد الضرورة الذي اعتاد قادة الجيوش ان يقسموا بالولاء له بدلا من أن يقسم الرئيس بالولاء للجيش والوطن.
***
فلولا ولاء قادة جيش صدام لصدام ولنائبه عزة الدوري من بعده لاستتب الأمن بالعراق ولما كانت هناك تنظيمات إرهابية مثل «القاعدة» و«داعش»، حيث لا يخفى على احد ان قادة «داعش» وأسلحته وموارده قادمة جميعها من قادة جيش صدام السابقين ممن لا يمانعون في هدم العراق حتى لا يبقى فيه حجر على حجر لإثبات صحة مسار صدام وخلفائه.
***
ومثل ذلك جيش الأسد، فلو كان ولاؤه لسورية لا للنظام لما انقسم ولانضم بأكمله للشعب السوري عندما ثار على الظلم والقمع والفساد، ولما ارتضى ان يدك المدن السورية على رؤوس أهلها وان يرمي شعبه بالبراميل المتفجرة التي لا تميز بين الرجال والأطفال والنساء وان يساهم في تقسيم سورية القادم، قلب العروبة النابض وأحد أهم رافعي رايات الوحدة العربية في تاريخنا الحديث.
***
وفي اليمن وضع مماثل، فلو كان ولاء جيش اليمن لشعب اليمن لما ارتضى جزء منه ان يتبع الرئيس الذي خلعه الشعب ويطيع أوامره بدلا من إطاعة أوامر الحكومة الشرعية المنتخبة، ولما ارتضى كذلك ان يدك عدن التاريخية والمحافظات الأخرى وان يساهم بفاعلية في تقسيم اليمن، وفي ليبيا أمر مشابه، فقوة «داعش» والميليشيات الخارجة على الشرعية قادمة من جيش القذافي وأبنائه، ولو كان ولاء الجيش الليبي للوطن وللشعب الليبي لاستتب الأمن ولما دمرت ليبيا وذهبت للتقسيم.
***
آخر محطة: الاستثناء الوحيد هو جيش مصر الوطني الذي انحاز لخيار الشعب وارتضى أن يخلع الرئيسين مبارك ومرسي بدلا من إبادة الشعب وخلق حرب أهلية لا تبقي ولا تذر في مصر، كما حدث في دول ما سمي بـ «الربيع العربي» الأخرى.