لبنان أقدم ديموقراطية عربية متصلة، لبنان بلد الإشعاع الحضاري والشعب الواعي، لبنان الثقافة والفن والفكر والإبداع أصبح وجوده واستمراره مرتبطا بشكل كبير بقلم حبر وورقة بيضاء قد يكتب عليها رئيس حكومته الصابر صبر أيوب كتاب استقالته فيتجه لبنان كما يتفق المراقبون إلى المجهول بعد ان اغتيل الرئيس رفيق الحريري، وأبعد عن رئاسة الوزراء بالتهديد والوعيد الرؤساء: فؤاد السنيورة وسعد الحريري ونجيب ميقاتي، وحان دور تمام سلام الذي أسمعه وزير خارجيته وصهر الجنرال عون كلاما لا يسر، يظهر ما تخفي النفوس وما تخبئه المخططات للبنان.
***
وإشكال لبنان الذي يهدد كينونته مرتبط بأطماع جنرال اسمه ميشال عون بلغ من العمر الثمانينيات، وله تاريخ لا يسر، فقد كان خاتما وخادما للسوريين في بداية قيادته للجيش، حيث يعترف في شريط وثائقي عن الحرب الأهلية اللبنانية أنتجته قناة «mbc» في 15 حلقة عام 2000، بأنه من هندس عملية اجتياح مخيم تل الزعتر الذي نتج عنه مقتل 3000 من الأبرياء لصالح ما يسمى آنذاك بالقوى الانعزالية اللبنانية المتحالفة مع سورية.
ثم غيّر ولاءه فأصبح وهو قائد للجيش خاتما بيد الإسرائيليين كما أتى في شريط وثائقي بثته قناة «الجزيرة» قبل أيام تحت مسمى «عملاء الجنوب» حيث تحدث ضباط جيش منهم سعد حداد وانطوان لحد المتعاونان مع جيش الاحتلال الاسرائيلي والمتواجدان حاليا في اسرائيل وفي المنافي، أنهم كانوا يعملون إبان الاحتلال مع الاسرائيليين بتنسيق تام مع قائد الجيش ميشال عون.
***
ومع انتهاء الحرب العراقية ـ الإيرانية أراد صدام الانتقام من خصمه الرئيس الراحل حافظ الأسد فلم يجد من يستخدمه كخاتم وبندقية للإيجار إلا الجنرال عون الذي قام بغزو بيروت الشرقية وقتل العشرات بحجة توحيد البندقية المسيحية، ثم استدار الى بيروت الغربية ليقوم بقصفها بشكل عشوائي ويقتل العشرات، كذلك لمنع مجلس النواب من الانعقاد، وهاجم أخيرا الجيش السوري ولم يصمد إلا قليلا ليخرج بعدها هاربا من القصر الجمهوري الذي استولى عليه بالقوة لا بالدستور، إلى السفارة الفرنسية مصطحبا أموال الدولة اللبنانية التي فضّلها على زوجته وبناته الثلاث اللائي بقين في القصر تحت القصف، فهل يستحق لبنان الأخضر وشعبه ان يدمر حاضره ومستقبله لأجل أطماع الجنرال ومؤامراته؟!
***
آخر محطة: علاقة عون مقطوعة ومسدودة مع جميع مكونات وقيادات الشعب اللبناني، فهو على علاقة سيئة مع رئيس البرلمان نبيه بري ومع رئيس الحكومة تمام سلام ومع سعد الحريري وجعجع والجميل ومن يمثلونهم ومع قائد الجيش وحتى مع حليفه فرنجية، والحال كذلك مع القوى الإقليمية المؤثرة، فكيف يطمع بحق في الرئاسة؟! وهل هذا مطلب حقيقي أم ان دوره هو العرقلة للعرقلة؟! وليذهب لبنان لمصيره المجهول!