ذات يوم، قرأت في عيون ومشاعر وأحاسيس مجموعة من شباب الكويت أنهم على أتم الاستعداد لأن يعيشوا أزمة “الغزو الصدامي الغاشم – أغسطس 1990) لحظة بلحظة.. نبضةً بنبضة.. نزفًا بنزف.. على أن تكون أرواحهم بالفعل، سور للكويت، واليوم، ليس أصدق من التفاف القائد حول شعبه والشعب حول القائد..حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، أمير دولة الكويت حفظه الله ورعاه، بعد أن جمعهم شهر رمضان المبارك.. وجمعهم موكب شهداء الصلاة في مسجد الإمام الصادق عليه السلام.. وجمعتهم الكويت.. كل ذلك الجمع تحت راية الإسلام الشامخة، وراية الكويت السامقة.
في ذلك اليوم، وهو يوم تدشين كتابي :”الكويت.. لا تنحني” في الرابع والعشرين من شهر فبراير من العام 2014، كان أهل الكويت، نساءً ورجالًا، شباباً وأطفالًا.. بل ومن بينهم كبار في السن، أجدادنا وآباءنا، كتبت تجاعيد جباههم شموخ أهل الكويت.. كان كل أولئك يقبلون على الكتاب بعد التوقيع والإهداء ويطالعونه بنهم، وما أن يفتح الواحد منهم مقدمة الكتاب ويرى صورة القائد صباح الأحمد، حتى تنطلق العبارات :”الله يحفظك يا بوناصر”.. فيما لا يتأخر الشباب والأطفال والناشئة من الجنسين عن تقبيل الصورة مرارًا وتكرارًا.. فيما كتابي المتواضع كان يتحدث عن توثيق مذكرات وذكريات الغزو الصدامي الغاشم وتحديدًا، بقصصه وحكاياته ومواقفه وآلامه وآماله مع أهلنا الكويتيين الذين (نزلنا عندهم ضيوفًا في البحرين)، طيلة شهور الأزمة لا أعادها الله.
عشرات إن لم تكن مئات الرسائل وردتني من أهل الكويت الكرام بعد نشر الكتاب، ولعل أروع العبارات التي تتكرر في تلك الرسائل :”نموت.. وتحيا الكويت”.. وكأن أهل الإرهاب أرادوا اختبار هذه العبارة، فسقطوا وارتفعت بصدقها شعارًا مدويًا.
على أية حال، فإن حالة الإعتزاز والإجلال والحب للقائد “بو ناصر”، ليست ملامح جديدة، فالقائد صباح الأحمد له من تاريخ البناء والعطاء لدولة الكويت الشقيقة وشعبها الشيء الكثير مما لا تتسع ملفات ومذكرات ومقالات مطولة، غير أن الأمل الأكبر هو ذلك الذي يحتوي ما نتطلع إليه كإعلاميين ومثقفين وناشطين وسياسيين وشعوب عربية وخليجية وإسلامية، للدور الذي يلعبه القائد صباح الأحمد على مستوى الأمة.. إن مجرد مشهد إنساني صغير عظيم عابر، للقائد صباح الأحمد وهو يتواجد في مكان التفجير الإرهابي بمسجد الإمام الصادق عليه السلام، جعل القاصي والداني ينظر إلى هذا الرجل العظيم في مكانته المتواضع البسيط في سمو روحه على أنه الصورة التي يمكن أن تزيل الكثير من عذابات وعناء ونزيف ضلوع وقلوب الأمة العربية والإسلامية.. ولهذا، عدت إلى كتاب (الكويت لا تنحني) لأراجع بعض جوانب مما كتبه بعض الأخوة المثقفين الكويتيين الذين شاركوا في الكتاب ضمن باب (كويت المستقبل)، فوجدت أن الروح الكويتية، هي ورح تجذرت فيها مباني الإسلام والعروبة والإنسانية والسلام، فالكل كان ينظر إلى أن الكويت ستكون موضع أخطار داهمة، من الداخل والخارج، ومع أنها ستكون أقوى من ذي قبل بعد كل أزمة، كما مرت أزمة الغزو وذهبت وبقي صدى صمود الكويت، إلا أن حائط الصد الأقوى هو أبناء الكويت وقيادتها وفق مشاركة في القرار السياسي والحياة العامة وانقاذ التجربة الديمقراطية العريقة وصيانة حقوق الإنسان ونشر مفاهيم العدالة الاجتماعية والمساواة ومواجهة الفساد والمفسدين والمتسلقين والمتاجرين والعابثين بمقدرات الشعب.
رسالتي إلى سيدي حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد.. القائد الذي تتطلع إليه اليوم كل شعوب العرب والإسلام لأنه القائد العربي والإسلامي الوحيد الذي لم يصدر بيانًا أو استنكارًا أو شجبًا أو تعزية لشهداء من شعبه سقطوا غدرًا.. بل توجه لهم بنفسه وأمارات الأسى والحزن والدموع كأنها تكتب ملحمة الأبوة العظيمة.. رسالتي أيها القائد.. الكويت هي شعلة الأمل لإنقاذ الوطن الأكبر مما ألم به.. الكويت ستقود إلى حيث خلاص شعوبنا مما ألم بها من مآس وبلاء.. الكويت، هي المنارة التي كلما ارتفعت إلى الأعالي.. ارتفعت معها رؤوسنا.