وصول الإرهاب الديني الى الكويت عبر تفجير مسجد الامام الصادق اليوم الجمعه ليس مفاجئا. فقديما قيل «من زرع الحنظل لن يجني غير الحنظل». وفي الواقع، فإنه حتى لو اننا لم نزرع شيئا ولم نتهاون ونتحالف بالامس مع الارهاب والفكر المتطرف. حتى بافتراض ذلك، فان وضع المنطقة الملتهب وتقارب الذهنية والوعي الاجتماعي والسياسي مع الآخرين كان سيكون كفيلا بتسهيل غزو التطرف والارهاب لنا. وما جرى ليس مفاجئا ولا مستغربا. فقبله بساعات حذر المسؤولون الروس دول الخليج من انها ستكون المسرح الثاني للإرهاب، بعد ان يبلغ منتهاه ونضجه في الاماكن التي زرعتها فيه.
لن نلوم الحكومة الحالية على التفجير. فأمور مثل هذه صعب السيطرة عليها. ومفاجآت ومبتكرات قوى التطرف قادرة بغتة على نشر الرعب هنا او هناك. لكن بالطبع نلوم الحكومات السابقة التي بذرت وسقت وتعهدت وحتى وقت قريب بذور وثمار التطرف والارهاب. آخر هذه الرعاية «الحمقاء» كان الموقف من الوضع في سوريا. والتسهيلات التي قدمتها وفي واقع الامر لا تزال تقدمها دول الخليج، وعلى رأسها دولة الكويت للمتطرفين الارهابيين بدعوى تحرير الشعب السوري.
اليوم على الكويت بالذات، وبقية دول الخليج ان تتمعن جيدا في التحذير والنصيحة الروسية، وان تعيد بسرعة، ونأمل في ان تكون كافية او لم يفت وقتها، تعيد النظر في سياستها تجاه محاولات اسقاط النظام السوري وان تتولى دعمه وتعزيزه بوصفه في النهاية نظاما مدنيا يتناسب والعصر الذي نعيش.
وعليها ان تعيد النظر ايضا وبسرعة وبقوة وثبات ايضا في المواقف من نشر «التدين» بأي صورة من صوره، لانه ثبت ان ذلك هو البيئة المناسبة لظهور وانتشار الارهاب. مطلوب تبني استراتيجيات مدنية واتجاهات «علمانية»، عوضا عن السياسات والمواقف الدينية التي تتمسح بها دول الخليج.
قد يكون لبعض دول الخليج وضعها المميز، الذي يربطها ويقيدها الى «التدين». هنا في الكويت نحن نشأنا وتربينا على الانفتاح وعلى التسامح بين الطوائف والجماعات. مشكلتنا ان النظام قد سمح منذ حل مجلس الامة سنة 1976 للتطرف بأن يبسط نفوذه ولا يزال في كل مؤسسات الدولة. اليوم المطلوب تراجع قوي وواضح وسريع عن هذا الموقف المشؤوم.