رأيت شريحة في المجتمع تتوافق في الأفكار الهدامة، وتتجانس بالتوجه السياسي والنفاق الاجتماعي، وتتفنن في رسم الشعارات التي تطالب بالإصلاح في شتى مجالاته على لوحة مشوهة بالدجل والمصالح.
اذا كنت تجهل صورة الشأن السياسي، في الوهلة الأولى، سيعجبك كلامهم المنمق الأنيق على المنابر والمجالس الاجتماعية، ومن ثم سترى أفعالهم المتناقضة التي هي أشهر من أن تذكر في مواقف كثيرة تحاكي حقيقتهم بأن «المصلحة أبدى من إصلاح وطن».
هنا ستدرك أنهم في واد يهيمون، ولا علاقة لهم بالإصلاح، وتجدهم دائما ما يسعون إلى تسيد الصفوف الأولى لإبراز نفاقهم الاجتماعي لتحصيل مزيد من المكاسب، هؤلاء واتباعهم هم بلاء الجسد المؤسسي في مفاصل الدولة.
قد يسأل سائل «كيف نعرف هؤلاء وما صفاتهم؟» نعم هذا السؤال مستحق وقد يطرح دائما اذا تحدثنا وتناقشنا عن احدى مشاكلنا الرئيسية التي أدت بنا للإخفاق.
هؤلاء دائما ما نجد ضمائرهم غائبة عنهم ويعتقدون أن المال العام لا حرمة له وسرقته «حلال بلال»، ويحللون لأنفسهم الحرام تحت مبررات غير منطقية، ومنهم دائما من اذا بينت له شناعة فعلته يرد عليك بمقولة تافهة «البلد ماشي جذي».
هكذا، نجد في بعض المناصب التنفيذية من لا يتحرى خدمة الوطن بقدر ما يبحثون عن طريق للثراء السريع غير المشروع أحيانا من خلال استخدام الصلاحيات والسلطة.
وبالنسبة للسلطة التشريعية، للأسف نجد البعض يقاتل في حملته الانتخابية للوصول للكرسي الأخضر باسم الإصلاح، ثم يتضح بعد ذلك أن هذا الإصلاح آخر ما يفكر فيه.
وإذا تطرقنا على الصعيد الاقتصادي، نجد تجارا شرفاء يستحقون كل الاحترام ساهموا في عدة مجالات، ولكن هناك بعض من التجار لا ينطبق عليهم ذلك.
بصفة أشمل، إذا تحدثنا عن المجتمع بشكل عام، فهناك من يريد أعلى الشهادات العلمية من غير دراسة، ومنهم من يسعى لنيل أعلى المناصب القيادية بالواسطة وهم ليسوا أكفاء، ومنهم من يريد افضل الرواتب ولا يرغب بالالتزام في العمل، ومنهم من يستغل وظيفته بالرشاوى، ومنهم من يحمل فكرا اقصائيا وكراهية لمجرد اختلاف سياسي او اجتماعي او مذهبي، ومنهم المتعصب والعنصري، ومنهم ومنهم التي لا تنتهي.
لم ولن ينصلح حال البلد ما دام هؤلاء يتغنون باسم الإصلاح تحت مجهر الجهل وحقيقتهم مغايرة، وما هم إلا وسيلة هدم لكل مفاصل الدولة، خاصة أن الوطن بحاجة إلى إصلاحيين لا يغيب عنهم الضمير، ولا تغيب عنهم مخافة الله ولو للحظة.
نهاية الكلام.. لماذا أصبحنا بهذا الشكل؟ الجواب ان الممارسات الخاطئة على مر السنين رسخت للخراب ارضية خصبة.