لم اطلع على مشروع قانون تنظيم القضاء. وفي الواقع، ويجب ان اعترف هنا، لم يعد ضروريا ولا حتى مثيرا متابعة مشاريع القوانين او نقاشات مجلس الامة بشكل خاص. اولا لان احدا لم يسمع ولن يسمع في النهاية. وثانيا وهو المستجد في السنوات القريبة الماضية هو ضعف اداء مجلس الامة وغياب الصراع، سواء بين اعضائه او بينه وبين الحكومة، عنه.
لم اطلع على مشروع القانون. لذا ليس من حقي ربما إبداء رأيي فيه. لكن بالطبع نحن وفي مقدمتنا الحكومة واعضاء مجلس الامة، نثق في القضاة، وهم اصحاب المصلحة والحرص الحقيقي على استقلال القضاء. قسم كبير على ما يبدو من هؤلاء القضاة ابدى استياء شديدا من مشروع القانون. ويتحرك بعض القضاة هذه الايام بنشاط لوقفه وحماية السلطة القضائية من الجور والتعسف الذي يحمله لها. ثقتنا في رجال القضاء تدفعنا لان نصطف ضد مشروع القانون ونطالب الحكومة بسحبه او تعديله قبل تقديمه لمجلس الامة. فمجرد تقديمه دون اخذ وجهة نظر القضاة المعترضين بالاعتبار هو محاولة لاستغلال القضاء كما يدعي المعترضون وتأكيد على الموقف الحكومي الذي سعى ويبدو انه يسعى منذ إصدار الدستور على وضع السلطة القضائية تحت رحمته. ادعت الحكومة زمنا طويلا بان المعارضين من النواب في مجلس الامة هم من «يؤزم» الامور ويعطل التعاون بين السلطات، وبالتالي ادى ويؤدي الى وقف التنمية الشاملة في البلد. تقديم قانون مخالف لرغبات ووجهة نظر رجال القضاء يؤكد مع الاسف ان العيب في الحكومة وليس في المعارضين لها. وان التأزيم الاساسي يأتي من الرغبة الحكومية المتجذرة في التفرد بتقرير الامور.
ايضا ندعو السادة المعترضين من قضاتنا الاكارم الى القاء الضوء بشكل مفصل وواضح على مساوئ مشروع القانون وتبيان مكامن الخطورة على القضاء والاستغلال المزعوم له في هذا القانون. ونرجو الا يكتفوا بمعارضته كما فعل مؤخرا من عارض قانون الجرائم الالكترونية. فرغم شكي بالنوايا الحكومية والعداء العام لحرية الرأي فاني تفحصت القانون ولم اجد فيه، حسب فهمي المتواضع، شيئا جديدا يضيف الى العداء المتأصل لدى سلطاتنا ومجتمعنا ضد حرية الرأي والتعبير الذي يجسده قانون المطبوعات وقانون المرئي والمسموع وقانون الجزاء نفسه.