على مدى ساعتين تسمرت أمام الشاشة الكبيرة، قبل يومين، في سينما سكيب بمجمع 360 لمتابعة العرض الخاص لفيلم “حبيب الأرض”، الذي كان بمثابة سيرة ذاتية للشاعر الشهيد فايق عبدالجليل.
تمكن المخرج والكاتب المبدع رمضان خسروه من أن يتوغل في النفس البشرية لأبي فارس- رحمه الله- ويترجم أبعادها دون توقف، مظهراً، باقتدار، البعد الإنساني لفايق، عبر مواقف بسيطة وعادية، وتكثفت تلك المشاهد لتضيف إلينا إطلالة حميمة على فايق الإنسان، لتتكامل بانسجام رقيق مع شعره وإبداعاته.
وكان من إبداعات المخرج قدرته على خلق شخصية شبيهة بفايق على الشاشة من البطل فيصل العميري الذي لا يشبه فايق إطلاقاً، وبالتالي تفاعل إبداع الممثل مع المخرج لينتجا لنا شيئاً آخر، وجعلانا نشاهد فايق عبدالجليل بدمه ولحمه، دون احتجاج ذاتي منا كمشاهدين عرفوا فايق. كيف؟ يجيب خسروه: “إنني محترف نحت، وبالتالي تقديري لتفاصيل الوجه عالية الدقة، من مدرسة الفنان سامي محمد، وهكذا التقطت الشبه ودرست الشخصية بتفاصيلها من خلال الفيديو بما في ذلك رفعة الكتف، وحتى حركة الحاجب”.
تسنى لنا أن نتحدث مع المخرج، مع مبدعين وفنانين كويتيين مثل بدر محارب وعبدالعزيز الحداد، وتوجيه ملاحظات للعمل، تقبلها خسروه بصدر رحب، ودافع عن وجهة نظره بذكاء وحماس.
لا أظن أن نظرتي للعمل ستكون موضوعية، فتفاصيل الغزو داخلي، مغلقة في مكان ما في حنايا الضلوع، وشخصيات الفيلم، الكثير منها أعرفهم عز المعرفة، وتداعيات الأحداث عشت الكثير منها، ولم تظهر للعلن حتى اللحظة، سواء في صراعنا لأجل البقاء، وفقداننا لأعز الناس، أو في استمرارنا بالصمود، داخل الكويت أو في الأسر بالسجون العراقية، ولذا لم أستغرب أبداً، أن تتسلل دمعة عصية دون شعور، دمعة هادئة بلا صخب.
زاد من روعة العمل الدعم غير المحدود الذي قدمته الشيخة انتصار سالم العلي للشباب وفريق العمل الذي أبهرني عدده عندما قدم نفسه على المسرح قبيل العرض.
بمثل هذا التكامل، وهذه الحرفية، وهذا الإخلاص، وهذا الدعم، هناك أمل في المستقبل.
شكراً لفريق العمل فرداً فرداً.
شكراً انتصار شكراً رمضان خسروه
ورحم الله فايق عبدالجليل أعادت لنا إنسانيته شيئاً من توازن مفقود في مجتمع يكاد أن يغرق.