رمضان على الأبواب، والتناقض بين تصرفات الكثيرين اليومية في الحياة ستزداد مع زيادة انغماسهم الطارئ والمتوقع في العبادات.
ففي رمضان ستستمر أسر أكثر من 800 معاق، توفوا قبل سنوات، في قبض معاشات أبنائهم المتوفين، من دون أن يرف لأغلبهم جفن، ربما لاعتقادهم أنه ليس في الأمر سرقة، فهم شركاء في المال العام، كما يحق لهم أن يهبشوا منه الفتات، طالما أن غيرهم يهبش منه الملايين.
رمضان على الأبواب والصيام سيدخل وسيطبق وستلتزم به الأغلبية بصورة تلقائية، وسيزداد، كالعادة، عدد مرتادي المساجد، ولكن في الجهة الأخرى ستقل درجة الالتزام بالعمل والوظيفة.
رمضان على الأبواب، والصيام والطاعة والغفران أمامنا، ولكن التزامنا بقواعد المرور سيتراخى، وسنبرر وقوفنا في الأماكن الممنوعة بأننا صائمون.
رمضان على بعد «حذفة حجر» ومع هذا سيستمر التلاعب بمعاملات المواطنين، وسيتأخر إنهاؤها، وربما تأجيلها لما بعد رمضان. كما سيستمر استخدام النفوذ الوظيفي للإثراء غير المشروع.
رمضان جاء، وسينتهي خلال شهر أو أكثر، والكثيرون لم يدفعوا ما عليهم من ديون مستحقة للدولة عن استهلاك الكهرباء والماء.
رمضان سيأتي حتماً وأدراج النيابة ممتلئة بملفات المحالين إليها من نواب ومتنفذين، سابقين وحاليين، تربحوا من الإيداعات المليونية ومن الحصول على مزارع وجواخير ومخازن من دون مقابل، واختلاسات الأوقاف والعدل وعشرات قضايا النصب والاحتيال الأخرى، إضافة إلى سوء استغلال السلطة في سرقات التأمينات وفي غيرها من الشركات والمؤسسات.
رمضان سيحل ضيفاً علينا وإدارة المرور ستوجه كاميراتها شطر السائق، بعد أن كانت تصوره من الخلف، وهذا يعني أن الصور ستقضي على مخالفات غير الملتزمين بربط حزام الأمان، والمسرعين، ومستخدمي حارة الأمان في غير أوقاتها، ومن يضعون طفلاً في أحضانهم وهم يقودون سياراتهم، ومن يستخدمون الهاتف النقال أثناء القيادة، وكالعادة، وبضغط من «عاداتنا وتقاليدنا» لن تطال المخالفة مرتديات النقاب، وقد يكون البعض منهن رجالاً متنكرين، فهناك عشرة آلاف مطلوب للأمن؟
رمضان سيأتي وينتهي، وستزداد بعد انتهائه نسب إصابة المواطنين بمختلف الأمراض «الكويتية» المستوطنة كارتفاع الكوليسترول وارتفاع ضغط الدم وزيادة الأملاح، وغيرها.
نعم، ستزداد درجة التقوى في رمضان، ولكن غالباً لن يقابلها انخفاض في نسب المخالفات والتسيب والعرقلة، وحتى التعدي على أموال الدولة والغير.
فهل هناك أمل في أن نجعل رمضان هذه السنة «غير»؟!