يقولون في لبنان، في وصف الوضع العام: كل شي «زفت»، إلا الطرقات.
ويقولون عن الغلاء: كل شي عم يغلى، إلا البني آدم.
ونقول ان كل شيء في المنطقة يتأخر، إلا «داعش».
عثر قبل ثلاث سنوات على نسخ من كتاب «مسائل من فقه الجهاد»، للمصري عبدالله المهاجر، تحتوي على أفكار أحد أكثر الحركات التكفيرية تطرفا، الذي يدعو الى إلغاء الآخر وجز الرؤوس، معتبراً أن كل البلدان «دار حرب»، باستثناء التي تحكمها شريعة الإسلام! ولم يلتفت احد في حينه الى محتوياته، التي انتشرت على الإنترنت، والتي اصبحنا نرى تطبيقات مرعبة منها. ويروج الكتاب لمسائل في فقه الجهاد أو فقه الدماء، ويعرض الموقف من الجهاد، ليصل لقاعدة يُبنى عليها الحُكم الواجب اتّباعه. وتدور المسألة الأولى مثلا حول دار الحرب، حيث ينطلق من قاعدة ثابتة تقوم على تقسيم العالم إلى قسمين: دار إسلام ودار كُفر، ومن الحديث القائل إن كل كافر لم يؤمّنه أهل الإسلام بعهد من ذمة أو هدنة أو أمان، فلا عصمة له في دم أو مال. ويتطرق إلى مسألة قتل النساء والصبيان، فيفتي بأنه يُحرّم قتل النساء والصبيان إذا لم يقاتلوا، فإن قاتلوا يُقتلون. لكنه في الوقت نفسه، يلفت إلى أن للمرأة آثاراً عظيمة في القتال، منها الإمداد بالأموال، ومنها التحريض على القتال، وعليه يبيح قتلهن. أما مسألة التمييز بين المدني والعسكري، فيرى المهاجر أن هذا التفريق باطلٌ، باعتبار أن الإسلام لا يُفرّق بين مدني وعسكري، إنما يُفرّق بين مسلم وكافر. فالمسلم معصوم الدم أيّاً كان، فيما الكافر مباح الدم أيّاً كان. ويذهب إلى جواز قتل جميع «أصناف الكفار من النساء والصبيان والشيوخ». ويرى مشروعية قتل الكفّار بكل ما يمكن من السلاح، حتى لو اختلط بهم من لا يجوز قتله من المسلمين، مبرراً ذلك بالغاية الهادفة إلى إعلاء الإسلام! ورغم تسليم المؤلف بأن «قتل عدد من المسلمين مفسدة كبيرة، إلا أن برأيه الوقوع في هذه المفسدة، بل واجب دفعاً لمفسدة أعظم، وهي تعطّل الجهاد». إضافة إلى ذلك، يُعزّز نظريته بالقاعدة الفقهية القائلة إن حفظ الدين مقدّمٌ على حفظ النفس. ثم يتطرق إلى مشروعية جز رقاب الكفار منطلقا من نصوص تحبب الأمر! وفي الكتاب، الذي تبلغ صفحاته الـ 600، يرى مؤلفه أنه لا بأس بالاستعانة في القتال بالكفار والمرتدين والطوائف الضالة، لأن ذلك كمثل الاستعانة بالكلاب على قتال المشركين!
هذه فقط عينات مما يحتويه الكتاب من فتاوى القتل، التي قد لا تتحمل النفس قراءتها، فكيف بتطبيقها!
ثم ننظر بعد ذلك حولنا، فنرى أن العالم اجمع مشغول بإنتاج كل جميل ورائع ومثمر، بعدما رأينا ما نحن فيه منشغلون.