لو كان لدينا ديموقراطيون، وليس ديموقراطية شكلية، لما مرت «خمبقة» قناة مجلس الامة مرور الكرام. لو كان عندنا برلمانيون يحترمون انفسهم ومن انتخبهم، لانتفضوا لحقوق الامة، ولهذا الاستغلال الهابط لمؤسساتها وادواتها العامة. صحيح انه كان هناك ردات فعل «تويترية»، محدودة مع الاسف، لكن هذه لم تغن ولن تعكس ضخامة وفداحة غلطة القناة التابعة لمجلس الامة. خصوصا ان ردود الافعال هذه اتت من المتضررين، وممن طالهم اذى القناة، وليس من ديموقراطيين وغيارى محايدين على المؤسسات والنهج الديموقراطي.
موقف قناة مجلس الامة من تعطيل قناة «الوطن» مخز، وغير لائق من الناحية الاخلاقية. وهو تعد على حقوق الامة من ناحية سياسية، وبعد كل هذا هو استهتار بالقوانين والسلطة القضائية.
ليس من اللائق اضافة الملح على جروح الآخرين، خصوصا اذا ما اخذنا في الاعتبار ان اغلاق جريدة الوطن وقناتها تم اصلا لاخطاء ادارية وصعوبات مالية، وليس لارتكاب جرائم امن دولة او حتى القيام بممارسات من شأنها الاخلال بالمصلحة العامة. وليس من مصلحة وسيلة اعلامية التحريض ضد وسيلة زميلة. فالمطلوب والمتوقع هنا هو الدفاع والانتصار للوسيلة المتضررة بحكم المهنة والمصير المشترك. او على الاقل الصمت ان لم تتوافر قناعة بضرورة التضامن والانتصار.
اصطفاف قناة مجلس الامة مع طرف سياسي ضد طرف سياسي آخر هو استغلال غير مشروع لوسيلة اعلامية مملوكة لجميع المواطنين، بمن فيهم من جلدت قناة المجلس ظهره. وهو اساءة لاستخدام السلطة، ومن يسئ استخدام وسيلة او مؤسسة في سلطة عامة فهو يسيء استخدام السلطة بشكل عام. ولكن ما الجديد بالفعل.. فهذا كان ديدن مجلس الامة ومعظم اعضائه منذ البداية مع الاسف. منذ ان برزت «المعارضة الجديدة» والبلد في انحدار سياسي وربما اخلاقي غير مسبوق. فهذه المعارضة هي التي ايدت وطالبت باغلاق القنوات والوسائل الاعلامية، وتَقَصُّد بعض الاطراف لمصلحة من يختلف معهم من بقية المواطنين. وهذه المعارضة هي التي تعمدت إصدار الاحكام على الآخرين بلا دليل او اثبات، وهو تماما ما اقتفت اثره قناة المجلس.
من المؤسف هنا ان نرى ان اسلوب المعارضة الجديدة وانحدارها الاخلاقي قد اصبح «تقليدا» كويتيا تلذذت قناة المجلس باحتوائه والاسترشاد به. فقناة المجلس شجعت كبت رأي الغير وتقليص قدراته في عرض وجهة نظره. وهي تولت مثل المعارضة اصدار الاحكام والادانات بحق من لم تتفق معهم، وهي في النهاية شككت مثل المعارضة في القضاء وفي الاحكام القضائية.