بعلم الحكومة أو بجهلها، وقعت الكويت عام 1982 في أزمة المناخ. وعلى الرغم من مرور 33 عاماً على تلك المأساة أو الملهاة، فلا تزال شرائح كبيرة من المواطنين، وأسرهم، تعاني من تبعات تلك الأزمة. والواضح أن تحالفات أو صراعات «شخصية» تمنع وضع نهاية لمأساة هؤلاء وإغلاق الملف.
لا شك في أن من دخل أزمة سوق المناخ، واحترقت أصابعه فيه، لا يلوم إلا نفسه. ولكن من غير العدل بعد 33 عاماً أن نجد مئات المواطنين الذين تورطوا، كغيرهم، في ذلك السوق لا يزالون غير قادرين على السفر والحركة أو العمل، بسبب شروط سداد مجحفة. ولا اعتقد أنه لا يزال هناك من بإمكانه سداد ما عليه ولم يقم بذلك حتى الآن، راضياً بكل المعاناة والبهدلة في مباني المحاكم وأروقة لجان تسوية المديونيات، وروح وتعال لمئات المرات، لكي نعفو عنه الآن.
إن أزمة المناخ كانت كرقصة الدبكة التي يتطلب أداؤها وجود راقصين عدة. وبالتالي، فإنها لم تكن جريمة فرد، على افتراض أنها كذلك، إنما وطن بكامل مؤسساته المالية والرقابية ووزاراته المعنية، وحتى كبار مسؤوليه. ولكن الحل خرج في النهاية ليخلي مسؤولية جميع الأطراف، بل ويقدم العون المادي السخي لهم، ويترك بضع مئات، ليعاقبوا نيابة عن الغير.
نعم، فسق هؤلاء البعض وتكبروا وتجبروا وأخطأوا وأسرفوا أيما إسراف، ولكن هل 33 عاماً من العذاب والبهدلة لا تكفي؟!
إن عدد مَن طُبق عليهم قانون الإعسار 93/41 كان 12 ألف مواطن تقريباً، التزم 10 آلاف، وتعثر 1500، وصدرت أحكام صلح على 645 وبقي 668 مواطناً تم إشهار إفلاسهم، ومعظم هؤلاء أفلسوا بالتبعية. وسبب عدم تمكن من أشهروا إفلاسهم من الخروج من ورطتهم هو الشرط الجزائي الذي فرض عليهم السداد خلال فترة 4 أشهر، وإن تأخّروا تفرض عليهم فوائد تأخير بنسبة %15. ولو افترضنا أن مواطناً كان عليه دين يبلغ 3500 دينار لم يستطع سداداً، فعليه الآن تسديد أكثر من 50 ألف دينار للخروج من التفليسة، فهل يُعقل ذلك؟!
إن القيادة الحكومية الحكيمة مطالبة بإيجاد حل لمشكلة هؤلاء، فمن غير المعقول بعد 20 عاماً على صدور القانون، ووفاة من توفي وتشرد، أن يبقى سيف الإفلاس مصلتاً عليهم، فحتى المحكوم بالمؤبد يخرج بعد سنوات محددة.
إن بقاء الوضع على ما هو عليه لا يخدم أي طرف، إلا ربما إشباع الرغبات الشخصية لبعض الحاقدين. وقد تكون للبعض الآخر آراء مختلفة عما اقترحناه، وهنا نرحّب بسماعها، إثراءً للنقاش، وإنهاءً لمعاناة هؤلاء مرة، وإلى الأبد.