بدأت الجهود الديبلوماسية لـ «جنيف 2» منذ تلويح الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا باستخدام القوة لحل القضية السورية، والتي كانت جوهر مباحثات القمة الأميركية ـ الروسية والتي اتخذ فيها قرار رحيل الأسد، ولكن بالطرق الديبلوماسية وليس باستخدام القوة العسكرية.
وقتها أحبط الثوار السوريون وحلفاؤهم العرب من تراجع الغرب عن ضرب بشار وإسقاطه بالقوة، ولكنهم أكدوا بعد ذلك أنه اذا كان مفتاح العمل العسكري بيد الغرب فإن مفتاح العمل الديبلوماسي مازال بيد الثوار وحلفائهم العرب وأكدوا ذلك باستبعادهم إيران من «جنيف 2» لعدم التزامها بمقررات «جنيف1»، واشتراطهم على مفاوضي النظام السوري الاعتراف بكل ما ورد باتفاقية «جنيف1» والتي تشير إلى رحيل الأسد ولو ضمنيا.
المفاوضات الناجحة عادة لا تبدأ إلا على أساس متين يكون بمنزلة أرضية مشتركة متفق عليها من جميع الأطراف ويتناقشون فقط حول كيفية تطبيقها ومن ثم تطرح الآراء المختلفة ليتم تقريبها للوصول الى تصورات مشتركة تتحول إلى اتفاق ملزم لكل الأطراف.
ما يحدث في مفاوضات «جنيف 2» هو عكس كل المفاوضات التي تمت في التاريخ، إذ من المفروض ان يكون «جنيف1» هو الأساس وتتم المفاوضات في «جنيف 2» حول طريقة تنفيذ ما اتفق عليه مسبقا ولكن الحاصل ان «جنيف 2» ما هي إلا إعادة التفاوض على ما تم في «جنيف1».
وفد النظام السوري ومنذ الجلسة الافتتاحية وهو يستخدم مصطلحات غير ديبلوماسية ويتحدث إلى خصومه بلغة متعالية ويتهمهم بالارهاب، بل لا يمكننا ان نتفاءل بنجاح المفاوضات وأحد المفاوضين الرئيسيين في وفد النظام السوري وهو وزير إعلامه يستفز الصحافيين كلما دخل سيارته او خرج منها وهو يصيح بان «الأسد باق» مع العلم ان الحكومة الانتقالية وسورية ما بعد الأسد هي حجر الأساس الذي تقوم عليه جنيف 2.
مازالت المفاوضات في أولها وبالرغم من محاولة ممثلي النظام السوري اثارة المفاوض المقابل من اجل ان ينسحب، إلا أن ممثلي الائتلاف الوطني يعون ذلك ومازالوا جالسين حول طاولة المفاوضات ولن يرحلوا الا مع رحيل الأسد ونظامه.
ربما بدأت التحركات السياسية الدولية الضاغطة على النظام السوري ليأخذ المفاوضات على محمل الجد، ومنها قرار مجلس النواب الأميركي الخاص بتسليح الثوار السوريين وكذلك خروج أدلة ووثائق جديدة تثبت قيام النظام السوري بجرائم ضد الإنسانية، بالإضافة إلى التقارير الدولية التي تؤكد قدرة النظام على انتاج أسلحة بيولوجية.
أتمنى ان تنتهي مأساة السوريين بأسرع وقت وألا نكون بحاجة إلى جنيف3، ورغم صعوبة المفاوضات إلا أن المبعوث الدولي الأخضر الابراهيمي يبذل المستحيل لإنجاحها ولو نجح لاستحق بكل جدارة ان يحصل على جائزة نوبل للسلام.