في أوائل التسعينات أثار نواب «الإخوان والسلف والدعوة الصالحة وأهل اللحى الطويلة والدشاديش القصيرة والأدمغة المقفولة والأيدي العفيفة» زوبعة ليس لها أول وليس لها أخر حول «طالبات في كلية الطب منتقبات ومنعهن عميد الكلية من الدخول إلى المختبر بهذا اللباس الذي يعرضهن للتلوث والإصابة الأمراض» اتهموا العميد بالكفر ووزارة الصحة بالجاهلية والنظام بأكمله بالردة إذ ..«كيف يتجرأ كائن من كان على المساس بنقاب إمرأة مسلمة »؟! قبل ذلك بعشر سنوات اشترت هيئة الاستثمار عقارات وشركات وفنادق في أوروبا تبين أن من ضمن ممتلكاتها مصنع «ويسكي وكونياك ونبيذ» والعياذ بالله وتلك الخمور تباع في بارات الفنادق التي صارت مملوكة لحكومة دولة الكويت التي لديها نواب «إخوان وسلف ودعوة صالحة وأهل لحى طويلة ودشاديش قصيرة وأدمغة مقفولة وأيدي عفيفة» فتحركت الزوبعة وهاج من هاج وثار من ثار من أهل «ثكلتك أمك با ابن الأرندلي» و«ويحك يا أبا عكرمة» فاتهموا وزير المالية بالكفر والحكومة بالجاهلية بعد أن صارت الكويت ..«تصنع الخمر وتبيعه وتسقيه»..دون أن تقصد!.
ثم جاءت قضية عمل الرجل في محلات ملابس النساء وعمل المرأة في محلات ملابس الرجال ثم .. دوام المرأة بعد الثامنة مساء فأصدر نواب «الإخوان والسلف والدعوة الصالحة وأهل اللحى الطويلة والدشاديش القصيرة والأدمغة المقفولة والأيدي العفيفة» قرارا بمنع عمل المرأة ليلا بل .. تقر في بيتها وتتزين وتتكحل و«تحف» انتظارا لبعلها الداعية الذي مل من مشاهدة الرجال طوال النهار حتى يأتي إليها ويفترسها افتراس ذئب الصحاري لعنز .. المنازل ! لكنهم تورطوا في عمل الطبيبة والممرضة وعاملة الكوافير النسائي والمذيعة التلفزيونية والإذاعية و..و.. ليصدروا قائمة طويلة بـ«الاستثناءات» تبين بعدها أنها أكثر من .. الممنوعات!!
بث تلفزيون الكويت مباراة لكرة القدم بين فريقين أفريقيين فدخلت الكاميرا إلى غرفة تبديل ملابس اللاعبين ما بين الشوطين وحدث أنها صورت لاعبا أفريقيا وهو يخلع الشورت فظهرت عورته السوداء اللامعة التي سطع «فلاشها» في عيون ..«نواب الإخوان والدعوة الصالحة وأهل اللحى الطويلة والدشاديش القصيرة والأدمغة المقفولة والأيدي العفيفة» فاتهموا الوزير بالكفر والحكومة بالردة ورئيس الوزراء بالجاهلية وطالبوا بالويل والثبور وعظائم الأمور!
جاءت قضية ما سمي بـ«الجنوس» فانبرى «دعاة الفضيلة وحماة الشرف الرفيع» ونصبوا المشانق للمجتمع بأسره الذي عاد إلى «عبادة الأوثان وتقديس الأصنام» و.. و.. و.. بعدها قضية «منع ارتداء المايوه النسائي والرجالي على حد سواء» وإغلاق الشواطئ للسابحين والسابحات ثم ..«الشيشة » وما أدراك مالشيشية عدوة «الإسلام والمسلمين مفسدة خلق الله اجمعين» مرورا بتغيير اسم سينما «الفردوس» لأنه أحد أسماء «الجنة» ويغنى فيها «كومار البوذي» و«أميتاب باتشان الهندوسي» و..«شاشي كابور.. الكونفوشيوسي» !! لماذا هذا السرد كله؟! حتى أجد جوابا على تساؤل يدور في ذهني ليل نهار: إذن؟ لماذا يعشق نواب «الإخوان والسلف والدعوة الصالحة واهل اللحى الطويلة والدشاديش القصيرة والأيدي العفيفة» جمهورية أردوغان التركية التي تعج بالموبقات وتمتلئ بالكاسيات وتزدحم بالعاريات وتغرق بالكحوليات من «ويسكيات وبيرات ونبيذات» يشربها أهل المايوهات السابحات في الرمال .. الناعمات ؟ وفي الوقت نفسه يكرهون الكويت والسعودية كراهية المومسات اللعوبات .. للعفيفات المتوضئات!.