كلما قرأت تصريحاً لرئيس وزراء الإمارات، الشيخ محمد بن راشد المكتوم، عن المشاريع المُنجَزة في دولته، والمشاريع الموضوعة على الخطة. أو كلما شاهدت إنجازات حكومة قطر، وسلاسة أعمالها، وطموحات مسؤوليها الشبان. أو كلما تابعت عظمة حكومة تركيا، ومصداقيتها في إنجاز المشاريع الكبرى قبل وعودها… وقارنت كل ذلك بالكويت المتآكلة، المشققة الجدران، المنهوبة، المقرومة، المعفوسة، الممزقة… تساءلت: هل تستطيع حكومتنا، بأجهزتها الإدارية والتنفيذية، النهضة بالبلد، وبنيته التحتية، ومنافسة الدول المذكورة أعلاه، لكنها لا تريد ذلك، لأسباب لا يعلمها إلا الله والراسخون في العلم، أم أنها لا تستطيع؟
وقبل أن يجف حبر سؤالي، وقبل أن يرتد إلي طرفي، تقفز الإجابة أمامي، بكلمة واحدة: “كلها” أو بالفصحى “كلاهما”، أي أنها لا تريد أن تبني البلد، ولا تستطيع، أصلاً، إن هي أرادت. لأن عدداً كبيراً من قياداتها التنفيذية لا يجيدون إلا السرقات “بطريقة قانونية”، ولم يتم تعيينهم، من الأساس، إلا لأنهم يجيدون ذلك، ولا شيء غيره، ويتقنون حركة “ضبّط الأوراق قبل لا تسوي شيء”.
ولا يكسر خاطري إلا الذين يشتكون رداءة الخدمات، وانهيار الأوضاع، ويصرخون لعل السلطة تسمعهم، وكأن السلطة لا تعلم عما حدث. انظر، على سبيل المثال، إلى من يصرخون غضباً على حال بيوت منطقتي “جابر الأحمد” و”صباح الأحمد” الجديدتين، اللتين تشققت جدران المنازل فيهما، وأخرجت ما في جوفها، حتى قبل أن يسكنها أحد من سلالة أبينا آدم. أقول ذلك وأنا أسترجع كلاماً جاداً قاله أحد الشيبان: “قبل أن تقطنوا منازلكم في منطقة صباح الأحمد، احرصوا على قراءة المعوذتين، والآيات التي تصرف الجن، لأن هذه المساكن بالتأكيد مأهولة بالجن، وإلا فكيف تفسرون لي تشقق جدرانها، وظهور أسلاك كهربائها عارية، وتقشر أنابيبها، وتخلخل “كاشي” الأرضيات؟”. هو يتكلم بجدية حارقة، وعقلية بسيطة مستريحة، نغبطه عليها، لأنه لو عرف السبب الحقيقي، وتحدث عنه، فسيحال إلى أمن الدولة مباشرة، ومنها إلى النيابة، ومنها إلى المحكمة، وسيعرف عدد نجوم الظهر، والمسافات بين الكواكب، وسيرقص رقصة البجعة، وسيترحم على الجن.