الاستبداد اُسلوب قذر ومدمر في آلياته وأدواته، شعاره النيل من كرامة الانسان، وإذلاله، وسلب حريته وإرادته، وجعله تبع بدلا من أن يكون مبادر، يبرز رأي الفرد أو القلة على حساب الجماعة، يقصى أصحاب الكفاءة، ويقرب القادر على التطبيل والتزمير للمستبد، المعايير الأخلاقية تهمش، وتبرز معايير النذالة والخسة، تحطم آمال الشعوب وأفراد المجتمع، ينتشر الفقر، والبطالة، والمجاعة، والفساد، يسجن المعارضين، ويضيق على بعضهم، بل وحتى يقتل البعض الاخر، لذلك أمرنا الله سبحانه وتعالى بالشورى والاتفاق حول الأمور والقضايا، منعا للتسلط والتفرد.
في الحكم المستبد دائما تجد القادة وأصحاب المناصب دون مؤهلات ودون خبرات لان المعيار هنا التمسح بجدار السلطة وليس الكفاءة والقدرة والفعالية، كما قلنا، فتتراجع التنمية والقدرة على إحداث نقلة نوعية إيجابية لصالح المجتمع، لان منهج المستبد يقوم على مقولة «أنا ومن بعدي الطوفان» فتتضخم أرصدته الخاصة، وتزيد رفاهيته، والشعب تزيد معاناته وفقره وجهله.
وهنا يصبح الشعب – الركن الأساسي في الدولة وصاحب القوة – ضعيف وخانع، لأن المستبد سيطر على ذهنه ومداركه وأصبح بكل أسف مشلول العقل والتفكير.
وهنا يتورد إلى ذهني مقولة محمد رشيد رضا، «إنَّ الشعوب التي تنشأ في مهد الاستبداد، وتساس بالظلم والاضطهاد تفسد أخلاقها، وتذل نفوسها، ويذهب بأسها، وتضرب عليها الذلةُ والمسكنة، وتألف الخضوع، وتأنسُ بالمهانة والخنوع، وإذا طال عليها أمد الظلم تصير هذه الأخلاق موروثة ومكتسبة، حتى تكون كالغرائز الفطرية، والطبائع الخلقية، إذا أخرجت صاحبها من بيئتها، ألفيته ينزع بطبعه إليها، ويتفلت منك ليقتحم فيها، وهذا شأن البشر في كل ما يألفونه ويجرون عليه من خير وشر، وإيمان وكفر».
لذلك، يمكننا القول بأن كل مستبد هو بمثابة زعيم عصابة، يجير موارد الدولة لصالحه ولصالح أفراد عصابته، فتتردى الأحوال، وتضعف أطر التنمية، وتتعطل المشاريع، ويزداد السخط الناس.