معالجات الأغلبية في هذا المجلس للاستجوابات معالجات غريبة، وبالأمس تم تعزيزها لتكون نهجا غريبا وطارئا على ممارستنا النيابية عبر العقود السالفة، فقد قامت الأغلبية بشطب محور واحد هو محور المشاركة في «عاصفة الحزم» من الاستجواب الذي تقدم به النائب عبدالحميد دشتي للنائب الأول ووزير الخارجية، بحجة مخالفته للدستور، والإبقاء على الاستجواب الذي انطوى على 3 محاور أخرى هي الاتفاقية الأمنية، وإهدار حقوق المواطنين في الخارج، وعدم الرد على الأسئلة البرلمانية، والمحور الأخير هو التضييق على الحريات والإضرار بسمعة الكويت بالخارج، وإضعاف هيبة الدولة والتنازل عن سيادتها.
والحقيقة ان هذه المحاور بها تنوع وتتوزع بها المسؤولية بين الداخلية والإعلام والخارجية، أما عدم الرد على الأسئلة النيابية فهو نهج تخصصت به هذه الحكومة، «وبغض النظر عن صحة أو خطأ تكييف ومعلومات النائب» لا يجوز تحميل المسؤولية عنها لوزير الخارجية منفردا، وإنما يجب أن يتحملها سمو رئيس الوزراء، وبما ان الاستجواب تم توجيهه بالخطأ لوزير الخارجية، فكان الواجب شطب الاستجواب ككل وليس شطب محور واحد منه، فالاتفاقية الأمنية المعني بدراستها والموافقة عليها هي وزارة الداخلية، ودور الخارجية فيها ما هو إلا بروتوكولي فحسب، أما التضييق على الحريات والإضرار بسمعة الكويت في الخارج فهو نهج الحكومة في الآونة الأخيرة ومارسته عبر وزارتي الإعلام والتجارة، فكيف يسأل وزير الخارجية عن أعمال وزيري الإعلام والتجارة؟ ويبقى عدم الرد على الأسئلة النيابية وهو فقط ما يمكن مساءلة وزير الخارجية عنه، بالرغم من أن جميع النواب يشكون شكوى مرة من عدم رد الوزراء وان ردوا فأكثر الأحيان يكون الرد بالاعتذار عن عدم الإجابة لمخالفة السؤال للدستور. هكذا تقرر الحكومة عدم دستورية السؤال وتنفذ وما على المجلس إلا القبول. وهنا تحضرني طرفة للنائب السابق صفاء الهاشم عندما أتت بسؤال سبق للحكومة الإجابة عنه في المجالس السابقة، فرفعت منه اسم النائب السابق ووضعت اسمها ووجهت السؤال للوزير، فجاء الرد بعدم دستورية السؤال فأخرجت الإجابة السابقة، ولكن الحكومة لم تحرج وأصرت على عدم دستورية السؤال، وسكت المجلس وقبل بالمخالفة الدستور وذبح أدوات النائب الرقابية.
والواقع ان الأغلبية كان واجبها تخيير النائب المستجوب بين رفع المحور الأول وإعادة توجيه استجوابه لسمو رئيس الوزراء أو شطب الاستجواب ككل، أما شطب محور واحد بحجة مخالفة الدستور والإبقاء على محاور أخرى مخالفة للدستور أيضا، فهذا يثير التساؤلات عن معيار الأغلبية لما هو دستوري وما هو مخالف للدستور، والاهم وفي جميع الأحوال لا يجوز للمجلس أن يأتي في جلسة مناقشة الاستجواب «أي استجواب» حتى ولو كان مخالفا للدستور ويشطب محورا أو يشطب استجوابا، بل الواجب أن يحال الاستجواب بالكامل إلى اللجنة التشريعية لتدرس بنود الاستجواب، وتثبت مخالفته للدستور بشكل علمي، وتضع تقريرا مفصلا تشرح فيه للمجلس مكامن المخالفة متضمنا توصيتها، وبعدها يعرض على المجلس ليقرر.
أما ان يجتمع المجلس لمناقشة الاستجواب وفي ذات الجلسة وبدلا من المناقشة يشطب الاستجواب أو محورا منه، فهذا فيه افتئات على أدوات النائب الرقابية ونهج جديد لم نر له مثيلا ولا نظيرا في كل مجالسنا المتعاقبة. فهل من مدكر؟
آخر مقالات الكاتب:
- قوافل اللاجئين صنيعة الغرب وعليه حلها
- روسيا ستنجز ما عجزت عنه أميركا..
- غداً ذكرى عزيزة للكويت وأهلها..
- بعد التجميد.. الحكومة تصفي الأوفست؟!
- روسيا.. الذهاب إليها متأخراً خير أيضاً
- «حماس» شرطي إسرائيل في غزة
- العبادي بدعم الشعب سيسحق الفساد
- سلمت عين الأمن الساهرة
- فزعة العراقيين على الفساد والفاسدين..
- إجرام الطالح علي عبدالله صالح