ما زلنا نذكر جيداً تصريح محمود غزلان، الناطق الإعلامي للإخوان المسلمين في مصر أيام حكم الدكتور محمد مرسي، والذي انتقد فيه سياسة دولة الإمارات الشقيقة تجاه حكومته، وكيف انبرت له جميع الأقلام الصحفية الليبرالية في الخليج تطالبه بالاعتذار حتى اضطر إلى ذلك، وتوضيح قصده من تصريحه. ولم نكن وقتها ندرك أن تلك الحملة لم تكن فزعة أو غيرة لدولة شقيقة بقدر ما كانت بداية تحرك إعلامي لإسقاط أول حكم مدني ديموقراطي واستبداله بعودة الحكم العسكري من جديد لمصر. لكن عندما صرح أحد أشهر الإعلاميين المصريين بتصريحات استفزازية لدول الخليج، وفيها إهانة لشعوبها أيام حكم العسكر، لم نسمع لهذه الأقلام صوتاً أو تعبيراً تستنكر فيه هذا الإسفاف في الخطاب الإعلامي النشاز! هنا أدركنا أن الفزعة للوطن والغيرة عليه شيء بينما الفزعة للهوى والرغبة شيء آخر!
ما حدث لطلبة الكويت في إحدى الدول الخليجية الشقيقة يعيد إلى الذاكرة موضوع الفزعة غيرةً للوطن، حيث تم فصل الطلبة المنتمين إلى اتحاد طلبة الكويت هناك بدعوى انتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين! حتى ظل الاتحاد بلا أعضاء نتيجة اعتقال البعض والتحقيق معهم واستقالة البعض الآخر خوفاً من حرمانهم من استكمال دراستهم الجامعية. لذلك، سمعنا بالأمس خبر قرار اللجنة التنفيذية لطلبة الكويت بإلغاء وجود اتحاد الطلبة هناك! ومع الأسف الشديد، حتى في هذه المرة لم نسمع من الليبراليين والعلمانيين أي استنكار لهذه الخطوة التي أضرت بمستقبل أبنائنا الطلبة!
ونقول للأشقاء في هذه الدولة إن الكويتيين المنتمين إلى التيارات السياسية والمرتبطين بها قلة قليلة، بينما نصف الشعب الكويتي منتسب للنقابات! وما هؤلاء الطلبة إلا من المؤيدين للقائمة الطلابية التي تتولى إدارة الاتحاد منذ عشرات السنين وليس لهم أي ارتباط تنظيمي بالتيار السياسي الذي تحسب عليه هذه قائمة! اللهم إلا إذا اعتبرنا أن وجود لحية في الوجه أو حرصاً على الصلاة في المسجد قرينة كافية للانتماء إلى الإخوان المسلمين!
إننا نطالب أشقاءنا في الخليج باحترام الميول السياسية لدى شبابنا وطلبتنا، خصوصاً إذا كانوا يحترمون الجو السياسي العام في الدول المضيفة لهم، ولم يرتكبوا ما يجرمون عليه. أما الفصل من الجامعات فقط للانتماء السياسي أو التوجهات السياسية، فكلنا يعلم أن غالبية الشعب الكويتي ذو توجهات سياسية؛ نتيجة الجو العام للبلد، والذي تعودنا عليه منذ أكثر من ستين سنة. لكن تبقى المشكلة أنه عندما تكون الفزعة لغير الانتماء إلى الوطن بل إلى الأهواء عندها نقول لا عزاء لطلبة الكويت!
***
كل جريدة لها سياسة إعلامية خاصة بها، كما لها خطوط حمراء لا يجوز للأقلام التي تكتب فيها أن تتجاوزها، وهذا أمر طبيعي. لكن أن تسمح بالغمز واللمز في مصارف العمل الخيري ونعته بتمويل الإرهاب في سوريا ثم ترفض التساؤل عن مصارف الأموال التي تذهب إلى إحدى الدول المجاورة ومشاركتها في دعم النظام الدموي في الشام، هنا يحق لنا أن نتساءل إن كان الرفض الأول نتيجة سياسة جريدة أم توجهات أفراد؟!
على العموم تظل القبس متميزة في حرية التعبير عن غيرها، وعلى قول القائل «نارك ولا جنة هلي»..!