إساءة الفهم، وتحميل الكلام ما لا يحتمل، كانا هما عنوان ردات الفعل على مقالتي الأخيرة، التي تزامنت مع مقابلة للأستاذ محمد الدلال في قناة الوطن! فقد ذكرنا أهمية وضع حد لهذا الجمود في الوضع، وأن الحوار هو الوسيلة المتاحة اليوم لتحقيق هذا الهدف، ولم نذكر بتاتاً أننا نتوجّه للمشاركة في الانتخابات المقبلة، بل أكدت في مقالتي السابقة ضرورة عدم التنازل عن المبدأ، وكان واضحاً لكل منصف أن المقالة دعوة للحوار، لوضع حد لهذا الانحدار السريع للبلد في كل المجالات!
وهنا أؤكد ما أكدناه سابقاً من أن الحركة الدستورية الإسلامية لن تنفرد في أي موقف سياسي بعيداً عن شركائها في الحراك والتشاور معهم، لكن الجلوس في الدواوين للطم والتحلطم على وضع البلد وذكر مساوئ الحكومة لا يكفي أبداً، بل لا بد من التحرك لإصلاح هذا الواقع السيئ، والذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، فالجميع يعلم أن الحكومة سحبت جناسي، واعتقلت معارضين، وأحالت مغرّدين للنيابة و.. و.. و.. إلخ. لكن هل يمنعني هذا الواقع الحكومي من أن أجلس للحوار مع الحكومة، للبحث عن مخرج؟! وأقول لمن رفض مبدأ الحوار، ما الحل في نظرك؟ جلسنا مع جميع أطياف المعارضة جلسات طويلة، ولم نخرج برؤية مشتركة للحل، بل ان البرنامج الذي تم الاتفاق عليه في احدى المراحل توقّف، وتبيّن صعوبة تطبيقه! ووالله لو أن صبرنا واستمرارنا في الانتظار معكم ممكن أن يوقفا الفساد، أو يساهما في اصلاح الاوضاع لصبرنا، لكننا نشاهد، كما تشاهدون معنا، هذا الانحدار في كل المجالات يزداد يوماً بعد يوم من دون أي مبادرة إيجابية لإيقافه!
أيها الأفاضل.. إن دعوتنا للحوار لا تعني أبدا قبولنا للامر الواقع الذي فرضته الحكومة، ولا تعني القبول المطلق بمبدأ المشاركة في الانتخابات وفقاً للنظام الحالي، كما لا تعني قبولا لما قامت به الحكومة! إنها تعني فقط محاولة للبحث عن مخرج من الأزمة، وقد لا نجد إلا سرابا، فنرجع من حيث أتينا، وقد نجد ما يضع حدّاً لهذا الوضع المزري، فنحقق ما كنا نصبو إليه عندما كنا في الضفة الأخرى! فنرتاح ويرتاح الشعب معنا!
إذا عندكم حل آخر ائتونا به، اما قولكم «اصبروا» فقد صبرنا بما فيه الكفاية، ولم نشاهد إلا المزيد من الخراب، لذلك شعورنا بالمسؤولية تجاه بلدنا وشعبنا يستلزم علينا أن نبادر بخطوة إلى الأمام، قد نُصيب وننجح، وقد نخفق فنرجع!
***
الشهيدة ريحانة جباري
حاول الجندي الفاجر أن يغتصبها فدافعت عن نفسها، ولما كانت الأجساد غير متكافئة أخذت سلاحاً وقتلته، دفاعاً عن نفسها!
الغريب أن القاضي حكم عليها بالإعدام! وكنا نتوقع أن السلطات الإيرانية تتدخل وتعفو عنها، بل وتكرِّمها، لأنها نموذج للشرف الرفيع، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، الأغرب من كل ذلك أن زملاءنا الذين دوّخونا بمبادئ حقوق الإنسان لم يتكلموا في هذه القضية، وكأن ألسنتهم قد ابتُلعَت فجأة..! وهم أقاموا الدنيا ولم يقعدوها عندما سحلت الشرطة شابّاً مصرياً كان يلقي المولوتوف على قصر الاتحادية! لكن ما ألومهم، ذلك كان مرسي، أما هذا.. فتعرفون ماذا يطلقون عليه!