حتى منتصف السبعينيات كانت القوى الليبرالية والوطنية هي المسيطرة على الشارع الكويتي، وكانت القوى المحافظة تقف في الأغلب على هامش الحدث حتى أتى حل مجلس الأمة عام 76 الذي عارضته القوى الوطنية والليبرالية، ورضت عنه «صمتا» القوى المحافظة التي تمددت بعده وانتشرت حتى اضحت القوة الرئيسية في البلد واستطاعت ان تستغل تلك القوة لتغيير أحوال البلد الاجتماعية والسياسية.
***
كان بإمكان القوى الليبرالية والوطنية ان تستغل مقاطعة القوى المحافظة للانتخابات القادمة وهو حق مطلق لها، لتدخل تلك الانتخابات بمرشحيها الرئيسيين، اضافة الى مرشحين جدد كي تحاول عبر تلك المشاركة المضاعفة حصد اغلبية كراسي مجلس الأمة القادم وتحويل تصورها في كيفية ادارة البلد الى حقيقة قائمة، ودون تلك الفرصة الذهبية التي ذهبت دون عودة يصعب تصور حصول تلك القوى على أي شيء مؤثر في المدى المنظور.. القريب والبعيد!
***
ولنا ان نتصور لو كان الأمر بالعكس وكانت القوى الليبرالية والوطنية هي من ابتدأت وقررت المقاطعة الانتخابية فهل يمكن ان نتصور للحظة اصطفاف القوى المحافظة خلفها لاعطائها النصر المؤزر حال نجاح تلك المقاطعة؟! واضح ان الخيار الأكثر احتمالا والذي حدث في الماضي هو رفض القوى المحافظة ذلك الاصطفاف وتلك المقاطعة والعمل على حصد الكراسي التي اخلتها القوى الليبرالية والوطنية.
***
ومن حقائق العمل السياسي ان المقاطعة لا تحقق شيئا على الاطلاق لذلك لا تعمل الاحزاب في الدول المتقدمة لمقاطعة الانتخابات بل المشاركة الايجابية بها، وفي منطقتنا العربية قاطع الموارنة الانتخابات اللبنانية بعد مؤتمر الطائف فخسروا ايما خسارة وعادوا للمشاركة بعد ان تشرذموا وضعفوا، وقاطع سنة العراق الانتخابات البرلمانية فخسروا كذلك وعادوا للمشاركة بعد ان فاتهم القطار وطارت الطيور بأرزاقها، أليس في تلك التجارب دروس يمكن التعلم منها ضمن تجربة الخمسين عاما من العمل السياسي الكويتي؟!
***
آخر محطة:
(1) ألم يكن من الأفضل لو عكس وفعّل المعترضون على ما قامت به بعض التوجهات السياسية الوطنية عملهم ضمن الحراك التنظيمي الداخلي ومحاولة اقناع أصحاب التوجهات المقاطعة بالمشاركة الايجابية في الانتخابات بدلا من مقاطعة.. المقاطعين؟!
(2) شخصيا قمت بذلك الأمر بجهد فردي ووجدت ردود فعل ايجابية اولية ولا أعلم ما كان سيؤول اليه الحال لو تحول ذلك الجهد الفردي الى حراك جماعي ضمن تلك التوجهات يملك الاغلبية، خلاصة ما حدث هو ضياع فرصة ذهبية نادرة لن تتكرر أبدا والتاريخ يشهد ويرقب.. ولن يرحم!