لو حسب كم الخلاف لدى الكويتيين كنسبة لعدد السكان لحزنا، ولا فخر، المركز الأول بين الأمم وبفارق كبير عمن سيحتل المركز الثاني فلا تجد عائلة كويتية كبرت أو صغرت أو مقر عمل كبر أو صغر إلا والخلاف على أشده بين مكوناته وأفراده، والغريب أن جميع تلك الخلافات تقوم على (لا شيء) بل في كثير من الأحيان يتوارثها المتقدمون دون أن يعرفوا على أي شيء اختلف الأولون!
الخلاف الذي قام بين أسرتين كريمتين هما المالك والسعيد كان يفترض أن يحتويه حكماء وعقلاء الديرة عبر لجان إصلاح ذات البين كما كنا قد اقترحنا سابقا، ولاشك أن الكويت مليئة برجال الحكمة من مختلف المشارب وألوان الطيف الاجتماعي ممن يستطيعون أن يفرغوا ألغام الخلافات السياسية والاجتماعية الكويتية من موادها المتفجرة وأن يرجعوا الأمور لطبيعتها لذا نرجو أن نسمع في القريب العاجل عن تشكيل مثل تلك اللجنة أو اللجان التي لا غنى لشعبنا عنها كي لا ندخل التاريخ على أننا «بيزنطة» أخرى يملأها الخلاف والشقاق، والأخطار الماحقة تحيط بها.
الكويت بلد لم يعرف عنه في تاريخه الطويل إلا عمل الخير تجاه شعبه في الداخل وجيرانه القريبين والبعيدين في الخارج لذا لا يوجد في تاريخنا أي أمر مشين يجعلنا نرتجف خوفا من تدوينه وتسجيله فعندما طالب بنا قاسم وبعده صدام لم يفدنا آنذاك إلا الوثائق والحقائق المدونة والمكتوبة للرد عليهما فما هو مكتوب يحسب لنا وما لم ندونه يحسب علينا.
وقد طالبنا ومازلنا بلجان تدون تاريخنا الناصع ومن ضمنه مؤتمر جدة قبل الغزو وقد أخبرني السيد بدر الرفاعي في سفرتنا الأخيرة أن الشيخ سعد العبدالله اجتمع بالكويتيين في لندن وشرح لهم تفاصيل مؤتمر جدة الذي يوضح بشكل لا لبس فيه أن الكويت هي من حاولت حل الاشكال وأن الجانب الصدامي هو من حضر اللقاء وهو يعتزم تخريبه، فما الذي نخشاه من تدوين تلك الشهادات التي سينتهي أجل أصحابها طال الزمن أو قصر في كتاب يحفظ حقنا عبر الأزمان كي لا يفتح الباب لاحقا للكذب والبهتان والعدوان من جديد؟!
وقد وصلتني الرسالة التالية من الشيخ المصري الفاضل محمد شمس الدين عبدالحافظ مدير المعهد الديني بالكويت سابقا، ومن ضمنها «كنت مديرا للمعهد الديني وقد رغب الشيخ عبدالله الجابر في دعوة أساتذة المعهد وخريجيه الكويتيين إلى طعام غداء بقصره العامر في بنيد القار وكان بين الحضور د.يعقوب الغنيم والأستاذ عبدالله المفرج والأستاذ أحمد الجاسر (جميعهم وزراء سابقون) والأستاذ عبدالرحمن الخضري وكيل وزارة التربية الأسبق وجمع يزيد على 50 شخصا ومما ذكره الشيخ عبدالله الجابر في ذلك اللقاء أن خلافا كان قائما بين فريقين من أعضاء قيادة الثورة المصرية جعلهم يعرضون عليه أن يصبح ملكا على مصر والسودان، لذا فما ذكرته في مقالك صحيح مائة في المائة أما حقيقة النوايا عند رجال الثورة فعلمها عند الله» انتهى الخطاب. لقد ثبتنا تلك الحقيقة التاريخية «المفخرة» والمنسية بالشهود والوثائق والصور وانتهى دورنا ليبدأ دور لجنة تاريخ الكويت فيما لو تم تأسيسها.
آخر محطة:
من غرائب لعبتنا الديموقراطية أن اللجان المؤقتة أضحت أكثر ديمومة من اللجان الدائمة (!) كما أصبح وجودها يتسبب في عدم اكتمال نصاب اللجان الدائمة مما يجعل من تواجد النواب والمسؤولين فيها مستحيلا لكثرتها وهو ما يؤثر سلبا على العمل في اللجان الدائمة التي تعتبر مطابخ المجلس التي تدرس وتعد بها التشريعات المختلفة، الحل هو في إلغاء تلك اللجان المؤقتة وتقليص عددها لأقصى حد.