ظاهرة شراء الاصوات في الانتخابات البرلمانية أصبحت سمة لكل استحقاق انتخابي في الكويت ـــ مع الأسف الشديد ـــ ولئن كانت في التسعينات مقصورة على الدائرة الرابعة، فإنها اليوم انتشرت في جميع مناطق الكويت، ولم تعد مقصورة على منطقة دون اخرى، ولا على قبيلة أو طائفة أو طبقة دون الباقين!
اليوم أصبح الناس يعرفون المرشح الراشي، ويعرفون في الغالب الناخب المرتشي، بل يستطيع المراقب للساحة الانتخابية ان يرصد بكل سهولة قيمة الصوت الانتخابي عند كل مرشح راشٍ، بل يمكنه تحديد بورصة الاصوات من حيث النوع، فالصوت الأعور له قيمة مضاعفة والصوت المشترك له قيمته، وحجز جناسي الخصوم كي لا يذهب أصحابها للتصويت للخصم لها سعر خاص، وهكذا! كل هذا مكشوف وواضح عند الناس في كل المناطق، ولكن! الجهات المختصة تتعامل مع هذه الظاهرة بمكيالين! فإن كان المرشح من المرضي عنهم عند هذه الجهات فالعين كليلة و«عمك أصمخ!»، وان كان المرشح من المغضوب عليهم، أو من الذين يضايقون على المرضي عنهم ويزاحمونهم في ميدان عملهم ومناطقهم، فله الويل والثبور وعظائم الامور!
بهذه الموازين تتصرف بعض الجهات، فقد رصدنا بعض المرشحين في بعض الدوائر يشترون الاصوات من ضعيفي الارادة وميتي الضمير، ولكنها تركت هؤلاء وورطت البعض الآخر في دوائر أخرى، كان يسعها ان تسلك نفس المسلك مع البقية، لكنها اختارت هذا البعض بالذات كما نعتقد، لمزاحمته بعض المرضي عنهم وتهديده لهم بالساحة واضعاف فرص نجاحهم! وانا هنا لست مدافعاً عن الراشي والمرتشي ـــ حاشا لله ـــ لكنني ضد الانتقائية في تطبيق القانون!
تدخّل السلطات في الانتخابات له عدة طرق، ذكرنا واحدة منها، والاخرى سكوت الجهات المختصة عن الانتخابات الفرعية التي تقيمها بعض القبائل متى ما ظنت ان النتائج ستكون بالنسبة إليها «إيجابية»! لكنها ستعلن رصدها لهذه الانتخابات متى ما أظهرت النتائج ما يثير قلقها ويكدر خاطرها! عندها ستحيل هذه الانتخابات بالذات الى النيابة! شكل آخر من أشكال التدخل الحكومي في الانتخابات، وهو دعم بعض المرشحين من صندوق الانتخابات، الذي كشفه السيد احمد السعدون قبل عدة سنوات، فأنا أعرف مرشحاً لا يملك ما يستر أحواله المعيشية دفع مبلغاً كبيراً من المال لعدم ترشيح ابن عمه! وآخر واقف على راتب آخر الشهر يدفع مئة الف دينار لشركة اعلانات للدعاية الانتخابية له! وهكذا، ومن صور التدخّل الممقوت ان تطلب هذه الجهات من مرشح ليس له رصيد انتخابي او شعبي سوى ألف صوت من قبيلته، حيث النجاح لا يقل عن ثلاثة آلاف تطلب منه الترشّح، ليس أملاً في النجاح، ولكن بقصد حجز اصوات قبيلته حتى لا تذهب الى مرشح غير مرضي عنه اذا لم تجد من هو أقرب منه!
عموما، نحن نراهن على وعي المواطن الكويتي المحب لديرته، الذي يتمنى ألا تتكرر مأساة مجلس 2013، وان نشاهد من نعتز بتمثيلهم لنا يشرعون ويراقبون، بدلا من نواب ندرك جيداً اننا سنلعن اليوم الذي وصلوا فيه إلى المجلس، أستغفر الله.