كثير من دول العالم تكون على رأس الهرم فيها أسرة حكم، مثل بريطانيا وبلجيكا والسويد والدنمارك وأسبانيا، معظم هذه الدول لديها برلمان وانتخابات وممارسة ديموقراطية وأحزاب سياسية ومؤسسات شورية، والحياة الديموقراطية في هذه المماليك تسير بشكل طبيعي، ولا تواجه ما تواجهه الممارسة نفسها عندنا، ولعل العلة التي بسببها تتعثر ديموقراطيتنا أن الاحزاب في تلك الدول مؤمنة بالعمل المؤسسي، ومبدأ تداول السلطة واحترام الدستور والقانون، بينما نحن نكفر بالمبدأ الحزبي، ونعتبر التحزب جريمة نتيجة لما عاصرناه من ممارسة بعض الاحزاب العربية، التي حكمت بالحديد والنار، ومارست أشد أنواع القمع والبطش بحق خصومها في عهد أعنف الدكتاتوريات التي مرت على الامة، أمثال صدام والاسد!
54 عاماً مرت على الممارسة الديموقراطية عندنا بالكويت، وما زالت تتعثر، بل الاخطر أن الناس بدأوا يكفرون بهذه الممارسة ويحملونها أسباب تعطل التنمية والفساد، ولولا أن عايش الناس مجلس الصوت الواحد لاستمروا على هذا الاعتقاد. نعم، لقد كشفت لنا مرحلة المجلس المنحل ان علة التنمية لم تكن في يوم من الايام ممارسة الديموقراطية، بل الحكومة بمعنى أدق، التي مرت عليها أكثر من ثلاث سنوات، وهي تملك بيدها كل خيوط اللعبة، بما فيها مجلس الصوت الواحد، مما يعني ان الممارسة لم تكن في يوم من الايام معوقاً للتطور أو سبباً للتخلف!
اليوم يتسابق الجميع للوصول الى الكرسي الاخضر، وسيصل خمسون منهم، لكن ماذا تراهم فاعلون، وهم يواجهون حكومة لا تؤمن إيماناً حقيقياً بالدستور ولا بالديموقراطية، وكل همها ان تعرف كيف تسيطر على مواقف النواب من خلال الحاجات التي أفرزتها الاجواء القبلية والفئوية، بل والطائفية إيضاً! يحدثني أحد هؤلاء فيقول: فتحوا لنا التعيين في الكليات الامنية والعسكرية، كما فتحوا لنا العلاج في الخارج، لدرجة ان الواحد فينا ارسل عن طريقه المئات للعلاج، كل ذلك من أجل ضمان اعادة نجاح مجموعتنا، التي تتجاوز الثلاثين نائباً مرة اخرى!
النظام الانتخابي كله يحتاج نسفا من أساسه ووضع آلية تمنع تغول يد الحكومة وتدخلها بالممارسة الديموقراطية، حتى يمكننا القول اننا نعيش حياة ديموقراطية، يمارس فيها نواب الشعب وممثلوه دورهم الصحيح، بدلاً مما نشاهده اليوم، بعض النواب يصلون البرلمان على أكتاف شعوبهم، ومن ثم تقودهم الحكومة كما تشاء!