يشكل البشر خليطا من الأعراق والأصول، مع استثناءات قليلة هنا وهناك من هنود حمر وسكان غابات، وغيرهم. وبالتالي لا يوجد في العصر الحديث، ومع طغيان المدنية وانتشار الاختلاط بين الشعوب، من بإمكانه الادعاء بنقاء أصوله، فهذا محض هراء.
وبمناسبة ما اثاره المرشح الأميركي دونالد ترامب من لغط تعلق بنيته طرد المهاجرين غير الأميركيين منها، في حال فوزه بالانتخابات، قامت مؤسسة استوريل Estoril، التي تعنى بقضايا تقارب الشعوب ونشر السلام والتفاهم، بإنتاج فيلم وثائقي عن الخليط البشري، ورد فيه أن ابجدية الغرب لاتينية، وأرقامه عربية، وفلسفته اغريقية، ويشاهد أفلاما أميركية ويستمع لأغان غربية، ويستخدم تكنولوجيا شرقية، بأجهزة مصنوعة في اليابان وكوريا والصين. وإننا جميعا نعيش في عالم كان يوما قارة ومحيطا واحدا، قبل ان يتفتت، وبإمكاننا الآن أن نعيد الوضع الى ما كان عليه. كما أن العالم تم اكتشافه من قبل بحارة مغامرين أسبان وبرتغاليين، والفضاء تم ارتياده بواسطة رواد سوفيت وأميركيين، والكون تم تفسير اسراره من فلكي إيطالي.
وفي هذا العالم، الذي تبدو فيه حدود الدول مسألة سيادية حساسة، وفي غاية الأهمية، نجد أن الأسرة المالكة البريطانية يعود اصلها الى ألمانيا، والأسرة الاسبانية هي من أصول نمساوية هنغارية، والأسرة المالكة السويدية تعود اصولها الى فرنسا، أما اليونان، التي ليست ملكية، فإنها أعطت اسبانيا ملكتها، كما أن زوج ملكة إنكلترا تعود اصوله الى اليونان، إضافة إلى أن اليميني الفرنسي المتشدد ضد المهاجرين، جون ماري لوبان، متزوج من يونانية مهاجرة. ومعروف ان بطل السويد القومي، وأفضل لاعبي كرة القدم فيها، هو ابن مهاجر كرواتي من أم كاثوليكية وأب بوسني مسلم. كما أن الرئيس الفرنسي السابق، وربما اللاحق، ساكوزي، هو ابن مهاجر هنغاري، كما أن جده كان يهوديا متشددا، وساركوزي متزوج من إيطالية مهاجرة لفرنسا.
أما ترامب، الذي يسعى الى طرد الكثير من المهاجرين من أميركا، إن فاز بانتخابات أميركا المقبلة فإنه ابن مهاجرة اسكتلندية، تزوجت من مهاجر ألماني، وهو متزوج من عارضة أزياء سلوفاكية، وكان مقترنا بسيدة تشيكية.
أما أوباما، الذي حكم أميركا لثماني سنوات، فهو ابن مواطن كيني مسلم، التقى بأمه في هاواي، على ظهر باخرة سياحية روسية وتزوجها.
أما أعداد اللبنانيين والبولنديين والاسكتلنديين الذين يعيشون في المهجر، فهي أكثر من أعدادهم في دولهم الأصلية.
وعندما ننظر الى أعلام الدول الأوروبية نجد أن عددا كبيرا منها يحمل الصليب، وهو الصليب نفسه الذي حمل جسد المسيح (ابن الشرق الأوسط)، قبل 2000 عام!
إننا جميعا نعيش في عالم متنوع بأذواق بشره، وتعدد موسيقاه واطعمته وملابسه وعاداته وأعياده وتقاليده، فليس هناك شعب أو مجموعة يمكن ان تدعي أنها الأفضل أو الأحسن في «كل شيء»!