مع تعثر مؤتمرات القمة العربية، نتذكر كيف أسهمت الجامعة فعلاً لا قولاً في حل أزمة استقلال الكويت في صيف ١٩٦١، كما نتذكر أيضاً كيف كان السلوك السياسي للجامعة بعد احتلال الكويت في أغسطس ١٩٩٠، الفرق واضح.
لم تتمكن الجامعة العربية من عقد اجتماعها في ٤ يوليو ١٩٦١ للنظر في طلب عضوية الكويت، بسبب تهديد العراق بالانسحاب من الجامعة في حال قبول عضوية الكويت. على أثر ذلك تقرر تأجيل النظر في طلب عضوية الكويت لحين انتهاء الأمين العام للجامعة من زيارته لبغداد ثم الكويت فالسعودية.
وصل الأمين العام للقاهرة في ٦ يوليو، معلناً أنه أجرى الاتصالات اللازمة مع المسؤولين في العراق والكويت والسعودية بما يحقق التضامن العربي.
عقد اجتماع لمجلس الجامعة في ١٢ يوليو، بحضور الدول الأعضاء العشرة، وكذلك حضور عبدالعزيز حسين كمراقب عن الكويت، وتقدمت الكويت بمذكرة تؤكد فيها استعدادها لسحب القوات البريطانية من أراضيها شريطة أن يسحب قاسم تصريحاته بأن الكويت جزء من العراق أو تضمن الدول العربية حماية استقلال الكويت، وترسل قوات لتحل محل القوات البريطانية، التي تضمن الكويت مغادرتها الفورية. أيد د. محمد حسن الزيات رئيس وفد الجمهورية العربية المتحدة استقلال الكويت والموافقة على عضويتها. مؤكداً “لقد استمع المسؤولون منا إلى تصريحات بريطانيا بأنها ستخرج في اللحظة التي يطلب منها أمير الكويت ذلك، وهذا هو أمير الكويت يؤكد بلسان الوفد الكويتي الرسمي أنه يتعهد بأن يأمر حالاً بسحب جميع القوات البريطانية من الكويت، عندما يتحقق واحد من حلين عرضهما علينا. الأول يتعلق بإرادة قاسم والثاني يتعلق بنا ونحن نؤيده ونحيي الكويت على موقفها”.
وجرى نقاش حاد بعد ذلك استدعى رفع الجلسة، وبدأت مشاورات جانبية مكثفة، عاد المجلس للاجتماع واقترح تأجيله أسبوعاً للتشاور، واستمر النقاش والجدل. وحين بدا أن الاتجاه يميل للتصويت على عضوية الكويت طلب مندوب العراق التأجيل للغد فوافق المجتمعون. وفي ١٣ يوليو عقدت اللجنة السياسية في الجامعة ٣ اجتماعات عاصفة نظرت في ثلاثة مشاريع، ثم تقرر تأجيل الاجتماع إلى الخميس الذي يليه ٢٠ يوليو، وقد عارضت السعودية والجمهورية العربية المتحدة مبدأ التأجيل. ورفعت الجلسة للتشاور ثم عادوا للاجتماع السادسة مساء، وأعلنوا مشروعاً من ٦ نقاط، تضمن الترحيب بعضوية الكويت مع جلاء القوات البريطانية وبحث تشكيل قوات عربية وإرسالها للكويت لتحل محل بريطانيا.
عقد الاجتماع يوم الخميس ٢٠ يوليو، وتم فيه اتخاذ القرار بضم الكويت لعضوية الجامعة العربية. وبعد اتخاذ القرار استدعى المجلس عبدالعزيز حسين رئيس وفد الكويت ليأخذ مقعده كعضو في الجامعة الذي ألقى خطاباً مهماً ومعبراً. وفي ٤ أغسطس قال قاسم إننا سنضم الكويت عنوة، إلا أنه لم يفعلها، بل فعلها صدام بعد ثلاثة عقود.
غادرت القاهرة بعثة عسكرية عربية للكويت في ٦ أغسطس، وتشكلت لجنة المباحثات الكويتية من الشيخ سعد العبدالله والشيخ مبارك عبدالله الجابر وعبدالحميد الصانع وعبدالعزيز الصقر ومحمد النصف وعبدالعزيز حسين. بدأت القوات العربية في الوصول ١٠ سبتمبر، وكان أولها السعودية، وفي ١٤ سبتمبر أبلغ اجتماع طارئ للجامعة برسالة الشيخ عبدالله السالم بأن الكويت أبلغت بريطانيا رسمياً بالانسحاب من الكويت، والتي انسحبت فعلياً ونهائياً في أكتوبر من نفس العام.