التقيتُ الفنان الكوميديان المصري المبدع «سمير غانم» خلال زيارة له للكويت قبل حوالي عشر سنوات في منزل صديق دعانا – مع نخبة من الزملاء الفنانين الكويتيين – لحفل غداء بمنزله؛ تكريما له، وسألته عن سر نجاح مسرحيته الشهيره «المتزوجون»، فضحك كثيرا، وقال: «إنها النشيد القومي لكل المسرحيات التي ظهرت في الثلاثين سنة الأخيرة»!! «سمير غانم» كان محقا في مقولته، فهي مازالت تضحك الملايين الذين يشاهدونها حتى يومنا هذا، وكأنها قدمت على المسرح منذ شهور أو أسابيع، وليس سنوات طويلة وعديدة!
آخر جملة يقولها الفنان «غانم» في الفصل الأخير وفي المشهد الأخير أيضا قبل أن تسدل الستارة عندما يتحدث عن الزواج هي: «أنا أبويا قاللي انه إذا اتجوزت حاتندم، ولو ماإجوزتش.. برضه حاتندم، يعني أنت في الحالتين .. ندمان»!! السطور السابقة دارت في مخيلتي وأنا أشاهد عبر شاشات التلفزيون العربية والأجنبية – وأتابع- أخبار محاولة الانقلاب في تركيا وتداعياتها وظروفها وما كشفت عن أسرارها، ثم استرجعت شريط ما تختزنه ذاكرتي لأربع – أو خمس سنوات ماضية – حين اشتعل فتيل الثورة السورية وبداية التدخل التركي، ثم «انهمار ذلك السيل البشري القادم من الشيشان والبلقان وجمهوريات آسيا الوسطى وشمال إفريقيا وشبه الجزيرة العربية عبر مطارات تركيا وموانئها للدخول إلى الأراضي السورية وازدياد النار.. اضطراما!! حين تم الهجوم الإرهابي في باريس على صحيفة «ابيدو»، وحدث ما حدث، تقاطر رؤساء دول ورؤساء ووزراء خارجيه إلى فرنسا، ونزلوا في مظاهرة جماعية إلى الشارع تضامنا مع الضحايا واستنكارا للإرهاب! الرئيس «أولاند» كان يصافح ضيوفه بحرارة وحين وصل إلى رئيس وزراء تركيا – في ذلك الوقت- «أحمد داود أوغلو» أشاح بوجهه ..عنه!! اللقطة نقلتها كل كاميرات تلفزيونات العالم!! والسبب؟! أشارت التحقيقات إلى وجود امرأة إرهابية من أصول جزائرية استطاعت الهرب ثم شوهدت وهي أمام موظف جوازات بمطار «أتاتورك» دخولا إلى تركيا، وما هي إلا أيام حتى ظهرت في سوريا مع تنظيم .. داعش!!
كل الناس يعلمون أن الرصاص لا يمكن زراعته وكذلك الرشاشات وقاذفات الصواريخ والمدافع المضادة للدروع، زائد أن السماء لا تمطر سيارات تويوتا ذات دفع رباعي جديدة تماما مازالت مقاعدها مغطاة بالنايلون و«كله كوم ومصنع سك الدينار الذهبي عيار 21» كوم آخر!!
وحين نشرت صحيفة تركية خبرا عن .. «شاحنات تركية محملة بالأسلحة عبرت الحدود مع سوريا، وسلمت ما فيها إلى عناصر من داعش «انفتحت أبواب جهنم على مصراعيها لرئيس تحريرها، فذهب إلى السجن ليقضي «إجازة نقاهة» لمدة شهرين؛ لأنه كشف شيئا لا يجوز إعلانه!! الغرب أراد من تركيا أن تلعب هذا الدور، إذ إنها ليست من الدول الخمس دائمة العضوية، ويستحيل عليها أن تمارس دورا مخيفا كهذا دون ضوء أخضر! مرت السنوات الأربع – أو الخمس- كما أراد لها صانع القرار الأممي، وحين بدأ غبار الأحداث في الشرق الأوسط يهبط تدريجيا، تغيرت المعادلة، وصار على «القديم» أن يرحل ويأتي آخر .. جديد!! مشكلة الساسة في العالم الثالث «الضعيف»: إنك إن أطعت الأميركان «عصروك ومضغوك»، فتكسب عداء شعبك وأمتك مقابل أن تبقى سلطانا، وإن عصيتهم «لفظوك وبصقوك»، فحق عليك مقولة والد سمير غانم في المسرحية، وهي أنك ستندم في .. الحالتين!!
***
آخر العمود:
كان أبو حازم يدخل على معاوية، فيقول له: السلام عليك أيها الأجير.
فإذا حاولوا أن يقولوا لأبي حزم قل: السلام عليك أيها الأمير أبى عليهم ذلك، ثم التفت إلى معاوية، فقال له: إنما أنت أجير هذه الأمة استأجرك ربك لرعايتها!!
التاريخ لم يخبرنا ماذا حل بأبي حازم، هل طارت رقبته، أم نقل إلى سجن « غوانتانامو- بغداد»؟!
***
آخر.. كلمة :
قال «وليم كونجريف» – وهو كاتب مسرحي إنجليزي ولد في القرن السادس عشر: «من تزوج على عجل… ندم على مهل»!!