الفارق بين الانتحاري والإرهابي كبير، فالانتحاري هو من ينفذ عمليته عبر قتل نفسه، سواء بحزام ناسف أو غيره، وهو أول من يموت في العملية. بينما الإرهابي يحرص على ألا يموت أثناء تنفيذ مهمته، كمختطفي الطائرات، أو زارعي العبوات الناسفة، أو مطلقي النار على الأبرياء، أو ما شابه.
وقتل النفس مش لعب عيال، لذلك نجد أن الانتحاريين عملة صعبة نادرة الوجود، وعملياتهم قليلة، مقارنة بعمليات الإرهابيين.
وسيفنى الانتحاريون، وسيفقد سادتهم أعصابهم، من دون أن تهتز تركيا. وإن كان هدف المخططين للعمليات الانتحارية زرع العداء بين الشعب التركي وحكومته، فأظن، أو بالأحرى أجزم، بحكم وجودي في تركيا، أن الأمور دائماً ما تكون خلاف ما خططت له الشياطين، فالأتراك يقتربون، إلى درجة الالتصاق، بحكومتهم ومسؤوليهم، ويدعمونهم، ويُظهرون تأييدهم لهم، حتى إن اختلفت الرؤى السياسية.
هذا ليس كلاماً إنشائياً، بل واقع شاهده وعايشه كل الموجودين هنا، من غير الأتراك، فالتركي بطبيعته، بشكل عام، ليس ليناً أثناء التحدي واللحظات الحاسمة. وبحكم احتكاكي بالأتراك ومعاشرتي لهم، أقول إن التركي صعب المراس، يمتلك رصيداً وافراً من العناد، ورصيداً أوفر من الولاء لتركيا. وولاؤه ليس بالأغاني الوطنية، ولا بالمظاهر، بل بتفاعله مع الأحداث والحوادث التي يمر فيها بلده، وبنوعية اختياره لنوابه وحكومته، وحرصه على مكانة النائب في المجتمع والدولة، باعتباره يمثل المواطنين، فالنائب هنا له شنة ورنة، ولا نابليون بونابرت. تشاهد ذلك بعينك، وتلمسه بأصابعك.
وأكرر التعازي، وأكرر القول: سيفنى الانتحاريون ولن تهتز تركيا. وأردد مع عشاق هذا البلد العظيم: “تركيا ليست وحدها”.