تمزقت قشرة رأسي؛ لكثرة ما حككتها كلما رأيت تعظيماً للاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو، يساويه أو يقارن بينه وبين الساحر الأرجنتيني الصغير الحجم، ليونيل ميسي. اش جاب لجاب؟ صحيح، لست متخصصاً كروياً، لكن المقارنة بين الاثنين هبلٌ مُصفّى.
ولا أدري كيف يفوز رونالدو بجائزة أفضل لاعب، في عصر يوجد فيه ليونيل ميسي؟ حتى وإن أخفق ميسي في موسم أو أكثر، كيف يفوز رونالدو بالجائزة في ظل وجود لاعبين آخرين أكثر منه مهارة وعطاء للفرق التي يلعبون لها، مثل سواريز وروبن وراكيتيتش وبيل وغيرهم؟
وكل الحكاية، كما أفهمها، أقصد حكاية تعظيم رونالدو وتتويجه بالألقاب الفردية، ضد منافسه الساحر ميسي، هي تعصب القارة الأوروبية، ووسائل إعلامها، لشعوب أوروبا، وبحثها عن منافس للاتينيين، الغلابة إعلامياً، بعد أن ترك الأسطورة زيدان كرسيه فارغاً. وما أبعد الثرى عن الثريا، وما أبعد رونالدو عن زيدان! فالأول يلعب لنفسه، ويستحوذ على كل شيء لمصلحته، بشهوة طفل أناني، متكلفاً الاستعراض ومتصنعاً الإبداع، في حين كان الأسطورة زيدان يلعب لفريقه، باستعراض تلقائي وإبداع وُلد معه، وهدوء يسحر المشاهدين.
وبالعودة إلى تعصب القارة الأوروبية للاعبيها، وبحثها عمن يمكن أن ينافس اللاتينيين، نحتت هذا الرونالدو، ولمّعته، وصنعت له التماثيل. ولو أنها صبرت على “مقسومها”، وانتظرت خليفة لزيدان، أو خليفة لبلاتيني، أو كرويف، يستحق أن يجلس على منصة المركز الأول في العالم، لتعاطفنا معها، لكنها الآن تغتصب الصدارة بنفوذها وإعلامها ورونالدوها اغتصاباً ظاهراً للعيان، و”تنهب خيرات” جمهوريات الموز اللاتينية، كما كانت تفعل في السابق.