الحركة الدستورية الإسلامية من اكثر التيارت السياسية تنظيماً في الكويت ، وأي قرار يصدر منها هو قرار مدروس وفق أسس ويستند لفهم خاص للواقع السياسي الكويتي.
و مما لا شك فيه أن الاختلافات في الرؤى و المواقف تجاه القضايا السياسية أمر طبيعي بين التيارات السياسية، وغير مستغرب في ثقافة المجتمع السياسية.
ولكن هذه الاختلافات السياسية خرجت عن إطارها الطبيعي بعد قرار الحركة في المشاركة بانتخابات برلمان 2017 .
انتقلت الحركة الدستورية الإسلامية من طور المقاطعة السياسية ( 2011 – 2016 ) إلى طور المشاركة السياسية في الانتخابات البرلمانية القادمة ( 2017 ) بعد قرار الحركة في عدم جدوى خيار المقاطعة في هذا الوقت أي بعد مرور خمس سنوات على مرسوم الصوت الواحد !
و هذا ما ذكره الأمين العام للحركة السيد محمد العليم في حواره مع تلفزيون الراي ، معتبراً قرار المشاركة بمثابة المسار التصحيحي لما شهدته البلاد من تراجع في جميع الأصعدة.
و مابين الموقفين السابقين أسباب و أراء و قناعات و ( قرارات ) لا يمكن المرور عليها دون فهمها.
فبعد إصدار مرسوم الصوت الواحد ، كانت الحركة الدستورية الاسلامية من أشد المعارضين له ، بل من أكثر التيارات السياسية تنظيراً لما يحمله الصوت الواحد من تداعيات سلبية سواء على الصعيد السياسي أو الإجتماعي أو الإقتصادي ، فضلاً عن دورها المؤثر على الرأي العام ، وتعبئة الشارع السياسي الكويتي ضد هذا المرسوم ( كرامة وطن ) .
و على نقيض الموقف السابق ، تُنظر الحركة في هذه الأيام عن مبررات و أسباب المشاركة في الانتخابات القادمة سواء ما جاء على لسان السيد محمد العليم ، أو تصريحات بعض أعضاء الحركة من خلال وسائل التواصل الإجتماعي ، أو المقالات الصحفية التي دافعت عن قرار الحركة من هجوم و انتقاد و استنكار بعض الفاعلين السياسين .
والحقيقة أن مشاركة حدس لم يكن أمر مفاجئ ، لأن المتتبع لمسار الحركة خاصة في السنة الماضية ، سيلاحظ عدة تحولات في خطابها وسلوكها السياسي .
و ما أعنيه أن الحركة تعمل وفق عقلية براغماتية تحدد من خلالها إتجاهاتها ، وأسلوب تعاطيها مع الظروف السياسية .
ولكن هل يعني ذلك أن الظروف السياسية التي شهدتها البلاد بعد مرسوم الصوت الواحد تغيرت و أخذت اتجاهاً أكثر انفراجاً من السابق ؟ واذا كانت مستمرة هل بإمكان حدس تغييرها ؟ و هل ستعيد حدس العلاقة المتوازنة بين البرلمان و الحكومة ؟
و يبدو أن نهاية مسار المقاطعة السياسية كان مرتبطاً بهاجس ضعف الحركة من الداخل ، و تراجع تأثيرها سياسياً و اجتماعياً في حالة استمرار غيابها عن التمثيل السياسي .
ومما لا شك فيه أن الكراسي الخضراء لها تأثير مهم – بين مجموعة مؤثرات – في تشكيل القوى السياسية في الكويت ، وبقاء الحركة خارج هذه القوى فكرة غير مرحب بها خاصة إذا تعلق الأمر في منطق المصالح السياسية .
هذه هي السياسة تتطلب أحياناً خطوة إلى الأمام و أحياناً خطوة إلى الخلف .
ولكن ما يثير الإستغراب أن الحركة تقدمت وتراجعت لنفس الأسباب !! ( الصوت الواحد ) .
لست ضد مشاركة حدس في الانتخابات القادمة – أو أي تيار سياسي آخر – ، لأن حرية الرأي و القرار في نهاية الأمر لا اعتراض عليهما.
اما الأمر الذي يجب أن أسجل اعتراضي عليه هو أن يكون سبب المقاطعة هو نفس سبب المشاركة.
و بعبارة أخرى كانت الحركة تحارب الفساد بمقاطعة المجلس ، والآن تريد محاربة الفساد نفسه من خلال المشاركة!! .
تمنيت أن تكون هناك أسباب أخرى للمشاركة خاصة لتيار كان في مقدمة صفوف المقاطعة .
آخر مقالات الكاتب:
- ساعة مع الغنوشي
- من هم الإسلاميون التقدميون؟
- الإسلاميون والكماليون في تركيا: صعود الهامش وتراجع الأساس
- الحشاشون في المخيلة الروائية
- قراءة في قرار مشاركة “حدس”
- وعود حزب النهضة التونسي
- حزب حركة النهضة التونسي : من خيار الدمج إلى خيار الفصل
- أزمة الفكر العربي
- قراءة لقصة مناضل يعيش بيننا الآن
- لم تكن سجيناً يا أبا حمود