كان أولى أن يكون مانشيت جريدة الجريدة ليوم الجمعة “الدولة عاجزة عن إدارة نفسها” عوضاً عن “الدولة عاجزة عن إدارة المطار” فقط، فإذا كان المطار في النهاية هو واجهة ووجه الدولة، فهو أيضاً صورة بشعة لسوء الإدارة وفسادها، ولا يختلف نهج إدارته عن بقية إدارة مؤسسات دولة “هذي الكويت صل على النبي”. أزمة مطار علبة السردين اليوم بسبب موسم السفر وتزاحم المسافرين كبرت بعد تحذيرات المعازيب في واشنطن ولندن عن ضعف الإجراءات الأمنية، ويبدو أن التجاوب السريع والأهوج لتلك التحذيرات أوقع إدارة المطار في حيص بيص، وجاء الرد الرسمي الجاهز يتعذر بنقص الأجهزة الآلية مرة ونقص آخر للعاملين في مرات غيرها! وأخذت كل إدارة في المطار تلقي بعبء المسؤولية على الأخرى، هرباً من اللوم والمساءلة، وكأن هناك، حقيقة، مساءلة ومحاسبة في الدولة على سوء وفساد الإدارة.
كيف نفهم مثل تلك الأعذار مع العلم أن الجهاز الإداري للموظفين متضخم من أعداد العاملين، سواء كان بشكل بطالة مقنعة أو بطالة سفور، وكيف نتقبل الحديث عن قدم أجهزة كشف الأشعة وكأنه لا توجد أموال كافية تصرف لشراء معدات جديدة، وأنه، ما شاء الله، إدارات المحاسبة تحاسب على الفلس والفلسين، ولا كأن البلايين تهدر على مدار الساعة بتفصيل المناقصات والعطاءات على عيال فريج “بني ملهم” وملهم من أصل كلمة الالتهام أي الذين يلتهمون الأخضر واليابس، وأسماؤهم ثابتة ومدونة في سجلات المعارف الرسمية!
ويقولون إن شر البلية ما يضحك، وشر البلية المبكي هو تصريح إدارة الطيران المدني، الذي جاء كرد على حالة التأفف والضجر من مطار الدولة والدولة بكاملها بعبارات “البعض يقف ساعة كاملة في طابور المطارات العالمية ويبدأ بالتحلطم إذا انتظر عشر دقائق عندنا”…! هنا الكارثة ليست بصياغة وركاكة هذا الرد الرسمي الذي يتعامى عن واقع مأساته ومأساة الإدارة بالدولة حين يقارن وضعنا بمطارات العالم “السنع”، ويشبه فوضى الطوابير هنا بطوابير الانتظار هناك… وليس هذا ما يشغل البال في رد جلسة شاي الضحى الرسمية، وإنما المحزن هو نعت هذا “بالرسمي”، وأنه صادر من جهة إدارية عليا تشرف على أدق وأخطر منفذ بالدولة. بذلك الرد “الرسمي” ندرك عينة من نوعية الفكر والثقافة والكفاءة عند الذين يصلون للمراكز العليا بالدولة، وحين نعلم أنهم من يدير “شو” السياسي والإداري بكامله، نقول، بعدها، يا رب ارحم بحالنا وحال عيالنا.