«في السنة الماضية، وبهذا الوقت، بحثت عنك كثيراً في المسجد والمستشفيات أبحث عن حبك وحنانك ووجهك فلم تخبرنا بموعد الرحيل»… أحمد الرفاعي.
مؤثرة جداً كانت تلك التغريدة التي كتبها الزميل الإعلامي أحمد الرفاعي ابن الشهيد الإعلامي عبدالحميد الرفاعي، أحد كوكبة شهداء مسجد الإمام الصادق (ع)، في ذكرى التفجير الإرهابي الآثم الذي وقع يوم التاسع من شهر رمضان من العام الماضي وتحديداً بتاريخ (26 يونيو/ حزيران 2015) في منطقة حي الصوابر بدولة الكويت الشقيقة.
قبل أيام، وفي يوم الثلثاء (14 يونيو/ حزيران 2016)، أدى أمير الكويت سمو الشيخ صباح الأحمد وولي العهد الشيخ نواف الأحمد صلاة الظهر في المسجد استعداداً للافتتاح الرسمي لهذا المسجد الذي شهد إحدى أبشع وأقبح الجرائم الإرهابية لكنه وحد الكويتيين خلف أميرهم الذي كان حمل آلامه ودموعه ليتواجد في موقع التفجير الآثم وليطلق تلك الكلمة المفجوعة الفريدة: «هذولا عيالي».
ليس المهم هو الافتتاح الرسمي بالمشاركة الرسمية والشعبية الواسعة، وبالطبع، ليست الكلمات والإجراءات التي شهدها الافتتاح هي بيت القصيد على رغم أنها مطيبة للقلوب والجروح بالطبع، إلا أن المهم هو تلك الروح التي جمعت الكويتيين وخيبت أماني ووجوه ونوايا أهل الإرهاب ممن ظنوا أن البيئة المأثومة المليئة بأولاد إبليس من الإرهابيين «الدواعش» و «الجواحش» ومن لف لفهم قادرون على أن يثيروا الفتنة الهدامة في المجتمع الكويتي، فوجدوا إعلاناً صريحاً من أهل الكويت يقول: «أننا قلب واحد ويد واحدة ضد كل من يريد لهذا البيت الكويتي أن ينهار… بنينا سوره وشيدناه لبنة لبنة بعرق كل أبناء الكويت… كل طوائفهم… كل طبقاتهم… ليصبح لونهم واحداً وعرقهم واحداً… كويتي فحسب».
حين أصدرت كتابي المتواضع «الكويت لا تنحني» في العام 2014، وهو عبارة عن توثيق للبيت البحريني الذي احتضن أهله الكويتيين في فترة الغزو الصدامي الغاشم في أغسطس/ آب من العام 1990، خصصت جزءاً أسميته «كويت المستقبل»، ومع شديد الأسف، خاطبت أكثر من كاتب ومثقف وأديب ومسئول في منطقة الخليج العربي، وبجهد مشترك مع الأخوين نواف وأحمد الهندال، لكن لم يتجاوب إلا أربعة وهم الزميلة الكاتبة عالية فيصل حمود الخالد (وقد تولت مشكورة كلفة طباعة الطبعة الثالثة)، والكاتب عادل عبدالله المطيري، والأستاذة الجامعية والكاتبة فاطمة الشايجي، والنقابي خالد براك المرجاح المطيري، ثم بعد صدور الكتاب، فوجئت بالكثير من المشاركات بعد فوات الأوان، غير أن المهم في جوهر ذلك الجزء وتلك الكتابات، أن النخبة من أهل الكويت، لم يختلفوا عن عامة الشعب الكويتي في الإجماع على درء المخاطر وصيانة الكويت بالأرواح قبل الأموال، كرسالة إلى الجيل الجديد من الشباب حفاظاً على الوطن الغالي.
لقد صدحت عبارة «هذولا عيالي» أمام بيت من بيوت الله على لسان سمو الأمير صباح الأحمد، وكأنها تشكل شعار مرحلة تربط الماضي بالحاضر وتهيئ المسار، وكما دوَّن الكاتب عادل عبدالله المطيري في «باب كويت المستقبل» في كتابي «الكويت لا تنحني» نصاً: «فالكويت عرفت الكثير من الأزمات السياسية الداخلية والخارجية واستطاعت الخروج منها دائماً أكثر قوة وصلابة وتطوراً»، وها هي الكويت اليوم تقدم لنا نموذجاً مشرقاً ومشرفاً لليد الواحدة والقلب الواحد والسور الواحد الذي يحمي الوطن.