نسمات الأمن والسلام لو تخللت مجتمعنا عموماً وأسرتنا خصوصاً لصرنا في أحسن حال، ألم تر أن الأسرة هي غصن الشجرة الذي لولاه لحرمنا الظل؟ وقد أخذت على نفسي عهدا أن أكتب في سلسة من المقالات التي تبحث في هذا الموضوع، وهو موضوع السلام الاجتماعي، وما الذي أفقدنا جمال السلام، وعبق الطيبة التي كانت طيفنا الملازم كل حين.
اليوم سوف أتكلم عن هذا الموضوع أولا، وهو السلام في أسرتنا الصغيرة، وعلاقة الزوج بالزوجة وعلاقة الأب بالأبناء، عسى الله أن يمكنني من الحديث عن بعض المشاكل، ولن يضرنا شيء لو نفضنا عن ملابسنا الطيبة غبار هذه المشاكل، كي تظهر ثيابنا في أبهى منظر، وأرقى حال، وكما قال القائد الفرنسي الكبير نابليون بونابرت: “كلمة مستحيل ليس لها وجود في قاموسي فإن الإنسان القوي لا يعرف إلى المستحيل سبيلا إذا تسلح بالعلم والمعرفة والدين الحنيف”.
فما نراه في أيامنا هذه في علاقة الزوجة مع زوجها والمشاحنات التي باتت تؤرق نوم الأسرة وتقض مضجعها، والسبب الأهم هو التفاهم، فلو كان التفاهم الشمس التي تغذي نور العلاقة الزوجية، لما وجدنا لهذه المشاحنات من أثر، فلو أن المحبة كانت هي الأساس لما وصلت مركب الأسرة إلى شاطئ العداوة، وما كان لنا أن نصل لدرب الحرب العائلية إن جاز المعنى، فمن إحدى المشاكل التي نوردها على سبيل المثال خروج المرأة إلى العمل، ما المشكلة؟ دعها تخرج طالما كان عملها صالحا للمجتمع التي تعمل فيه، طبعا هذا هو رد القارئ المستنير الكريم، لكن الأمر قد يكون في بعض الأحيان أكثر عمقا من التنظير السطحي لشخص جالس بعيدا عن المشكلة وليس عنصرا فيها، فربما يكون الأمر متعلقا بالمرأة نفسها كزوجة أو بالرجل ذاته كزوج، فكما نعرف أن من أهم العوامل التي تدفع المرأة العربية إلى اقتحام سوق العمل هو عنصر إثبات الذات وتحقيق الطموح لدى المرأة، وهذا العنصر نابع من مركب نقص في الفتاة العربية منذ نعومة أظفارها، لكونها تعودت السماع من الآخرين أنها أقل شأنا من الولد وأضعف منه، بل ولا تضاهيه في القدرات العقلية والعضلية، ومن هنا فإن المرأة تريد أن تثبت لنفسها العكس ولمجتمعها خطأه الواهم ولأسرتها سوء فكرتهم، نعم قد تنجح في العمل والتعليم وتغزو أصعب المراكز وأدقها، وعلى الوجه الآخر فإن الرجل يمتلك نفس مركب النقص وهو كونه رجلا، ولابد أن يكون هو الأقوى والمسيطر والقائم على أمر الزوجة، وهو أقوى من أخته وأذكى منها، فتنشأ عنده رغبة في السيطرة، وقد تنمو فيه عقد الذكورة المشهورة، ومن هنا ينمو هذان المركبان إلى أن يصلا معنا إلى علاقة الحياة الزوجية، فهما قد يمكثان معنا إلا لو كانت عندنا الرغبة في التخلص منهما كزوج وكزوجة.
وإن شاء الله في المقالات المقبلة سوف نعالج بعضا من المشكلات، والتي تربط بسلامها، وبالتالي بالسلام المجتمعي ككل، فإلى لقاء قريب.
ظنكم لكم وحسن نيتي لي ورب البيت كريم