تمكَّنت إدارة المباحث من ضبط أحد المقيمين بصورة غير قانونية، يجمع تبرّعات نقدية بصورة غير مشروعة، عن طريق تكليف امرأة بالاتصال بالمواطنين، لتعرض عليهم القيام، نيابة عنهم، بإقامة مشاريع خيرية وبناء مساجد والصرف على إفطار الفقراء. وُجِد عند القبض عليه أن بحوزته إيصالات مالية بآلاف الدنانير، وأعترف بأن مهمته تقتصر على جمع التبرعات وتوريدها لمواطن، مقابل نسبة مئوية، وأن الأخير صاحب شركة استيراد وتصدير.
انتهت الرواية بإحالة الجميع إلى جهات الاختصاص، ومخاطبة وزارتي الشؤون والتجارة لإغلاق ملف الشركة! وحيث إن مواد القانون قاصرة عن وقف مثل هذه الأعمال بشكل نهائي، فالأغلب أن «المواطن» سيقوم بتأسيس شركة جديدة والعودة الى ممارسة نوعية أخرى من النصب، وسيبقى اسمه سرّاً.
وكالعادة، ناشدت الأجهزة الحكومية المواطنين والمقيمين عدم التبرع لأي جهة، إلا من خلال اللجان والهيئات الخيرية المعتمدة، لضمان وصولها إلى محتاجيها، وكالعادة ــ أيضاً ــ فلن يلتفت أحد الى مثل هذه التحذيرات، أو يدير البال لها، في غمرة انشغالنا المحموم في البحث عن الأجر في الدنيا والآخرة.
لقد كتبنا كثيراً عن المحتالين، وعن غريب وعجيب طرقهم، المتجددة دائماً. فهناك جهات لا تزال حتى اليوم تتصل بالمواطنين والمقيمين، عارضة بيع نسخ من القرآن الكريم عليهم! وهي طريقة غير مشروعة للإثراء. فأغلبية الدول الخليجية توزِّع نسخ القرآن الكريم مجاناً، خصوصاً في المناسبات الدينية. كما أنه ليس من حق أي جهة، وفق علمي، طباعة القرآن أو استيراده وبيعه، وتحقيق منفعة مالية من وراء ذلك. وكنت دائماً اتهم من تتصل بي عارضة بيعي نسخاً من القرآن الكريم بأن «شركتها نصابة»، ولم يرد إليّ يوماً أي احتجاج على هذا الاتهام، على الرغم من تعدد الاتصالات. كما لم يردوا على تساؤلاتي عن الطريقة التي حصلوا بها على رقم هاتفي!
كما سبق أن ألقت السلطات الأمنية القبض على محتال طريف استغل السمعة السيئة للجهاز الحكومي، وأوهم طالبي الحصول على رخص قيادة المركبات، التي يصعب على بعض الفئات الحصول عليها، بقدرته على مساعدتهم في الأمر من خلال اتصالاته، مقابل حصوله على مبلغ خمسين ديناراً، وأن المبلغ سيرد إليهم في حال عدم فوزهم.
استمر هذا الرجل في اتباع هذا النهج لفترة طويلة، محقّقاً لنفسه مبلغاً لا بأس به! وعندما وقع أخيراً في قبضة الأمن، لم تثبت عليه أي تهمة خطيرة، كدفع رشى لموظفي «الداخلية» لإنجاح أحد، بل جُل ما كان يقوم به هو تسلم مبلغ الـ50 ديناراً من طالبي «الواسطة»، وأغلبيتهم من مواطنيه، وإعطاؤهم وعداً برد المبلغ لهم، في حال عدم نجاحهم، ومن ثم انتظار نتيجة الاختبار! فإن نجحوا، فسوف يفترضون أن الفضل في ذلك لتوسطه، ولن يطالبوه بشيء. وإن فشلوا، فسيعيد المبلغ إليهم من دون تردُّد!