من أين داهمني سرب التشاؤم هذا؟ الذي أعرفه أنني لم أنتسب أبداً إلى قبيلة المتشائمين، فما بالي اليوم أنافس زعيمها على عرشه، وقد أقصيه في انقلاب أبيض، إن لم يرض بصناديق الاقتراع، أو صناديق الاقتراح، كما قال أحد المرشحين الطيبين في انتخابات مجلس الأمة الكويتي.
أقول لا أدري من أين لي كل هذا التشاؤم؟ فقد وصلت إلى المرحلة التي تسبق مرحلة اليقين من سوداوية العقد المقبل، ودمويته. شيء يشبه اليقين في نفسي، يقول إننا سنبكي على العقد الحالي، بكل دمائه وأشلائه وغرقاه وأطفاله المدفونين تحت الأنقاض و…، و…، و… بعدما نرى العقد المقبل، ونقارن. والأغلب أننا، لشدة هواننا، سنبكي تحت اللحاف، ونلصق ظهرنا بالباب وننسحب إلى الأسفل، كما في المسلسلات، عند حلول الكوارث.
ليس العقد القادم فقط هو الأسوأ، بل حتى القرن الحالي سيكون أسوأ، كما تخبرني قارئة فنجاني. من كان يبكي لدموية القرن العشرين، بحربيه العالميتين. أظنه سيبتسم قريباً كلما تذكره، لوداعته وطيبته و”سلامه”.
أتحدث هنا عن منطقتنا العربية (لم أقل الوطن العربي، فللأوطان متطلبات قد لا تتوفر في أجزاء من هذه المنطقة). وأتحدث عن نفطنا وثرواتنا الطبيعية ولقمة عيشنا، وعن احتمالية نجاح ترامب وابتزازه لنا عبر ذراعه الإيرانية، إلى درجة تجويعنا.
أتحدث أيضاً عن جارتنا الرومانسية، إيران، التي قد ترمي علينا الورود الحمراء من شرفتها، بيدها أو بأيادي عشاقها، وهم كثر. أتحدث عن مكائد تحاك في عالم تبرز أنيابه كلها، في حين نتفرغ نحن لقمع آراء شعوبنا، وخنق صرخات الغاضبين لهواننا، وقطع كل أصبع تشير إلى مكمن فساد أو منبع خطر.
فنجاني هذه المرة أحمر. عذراً.