تتعدد قراءة التاريخ الإسلامي، وتتنوع أسباب تلك القراءة ما بين الهروب من الحاضر المنتكس إلى الماضي المنتعش بالانتصارات والشعور بالقوة والتفوق، إلى البحث الممنهج عن الصور السلبية فقط وعكسها، وهو التنقيب عن جميع الصور الإيجابية وتضخيمها بغرض خلق حقب زمنية لم يعش فيها غير البشر الملائكة.
وتوجد في أسباب قراءة التاريخ الإسلامي مساحات مهملة أطلقت على واحدة منها اسم «المراجعة العقلية» التي تخضع جميع النصوص والسير للعقل، وعدم التسليم المطلق بسلامة الأحداث ومنطقية تسلسلها قبل قراءة جميع المصادر الرصينة المتاحة، خصوصا أننا نتعامل مع ذاكرة بشرية وأهواء دفينة وجغرافيا ثابتة، فمثلا من يصدق أن رحلات ابن بطوطة التي دونت في كتابه «تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار» لم يكتبها ابن بطوطة بنفسه، ولكنه أملى تفاصيلها على الشاعر والكاتب ابن جزي الكلبي من الذاكرة علما أن رحلته من المغرب وإليه استغرقت ثلاثين عاما!! هذه المعلومة لا تقلل من قيمة ابن بطوطة أو كتابه لكنها فرصة لإعادة النظر في الأصوات التي شككت أو تساءلت عن صحة بعض الأسماء والأماكن التي ذكرها في كتابه، والتي قد تكون التبست عليه لضعف في فهم كلام من ترجمها أو سوء تقدير مسافات من الأدلاء الذين رافقوه. متابعة قراءة الإسلام… الانتشار الآخر