قبل عدة سنوات وأظنها قبل موسم الأعياد سجلت ماكينة السحب الآلي في فرع البنك الوطني في منطقة الصباحية أعلى كمية أموال سحبت من ماكينة ATM في يوم واحد في العالم كله.
وقبل أسبوع تقريبا كنت في أحد البنوك لإجراء معاملة وكانت نافذة الموظف تطل على ممر السيارات لماكينة السحب الآلي وكان المنظر كأنه نهر هادر من السيارات لا يتوقف، سيارات قديمة، وسيارات جديدة، سيارات غالية الأثمان، وسيارات متواضعة تجعلك تتساءل: (معقول عنده فلوس في البنك هذا).
كلهم يسحبون، الغني يسحب والفقير يسحب وكأن عليهم «نذر» ألا يتركوا فلسا لهم في البنك دون أن يسحبوه ويصرفوه في حاجة مهمة لهم أو في كثير من الأحيان ليست مهمة لكنه سلوك استهلاكي تعودوا عليه.
سألت موظف البنك من باب الفضول بكم «تعبون» هذه الماكينة؟ صدمتني إجابته عندما قال 140 ألف دينار ونقوم بذلك عدة مرات في اليوم.
حتى أن الموظف المسكين المسؤول عن تعبئتها ما إن يذهب ليرتاح قليلا حتى تبدأ تلك الماكينة بإعطاء إشارة إلى أنها على وشك الخلو من الكاش.
فيقوم متأففا لتعبئتها مرة أخرى وهو يخاطب نفسه «وين يودون هالفلوس؟».
أنا أرد على تساؤل هذا الموظف الذي لا أحسده على وظيفته فراتبه لا يتجاوز 1500 دينار في الشهر وهو يوزع نص مليون كاش كل يوم على غرباء لا يعرفهم.
الإجابة عن تساؤل هذا الموظف هو أن هؤلاء الناس يضخون الأموال التي سحبوها في الاقتصاد المحلي سواء على مستوى منطقتهم التي يسكنون بها ومحيطهم القريب أو على مستوى الدولة ككل.
فهذا يدفع الإيجار وتلك تذهب للسوق لشراء حقيبة بـ 200 دينار وآخر يسحب الفلوس للذهاب مع زوجته وأولاده للعشاء والنزهة في أحد المجمعات الكبيرة.
وجميع الباقين لهم أيضا مصارف أخرى ومختلفة في طريقة إنفاق تلك الفلوس التي سحبوها.
ومهما تعددت أو اختلفت طرق صرفهم فإنها تصب في مكان واحد وهو اقتصاد البلد الحقيقي وليس الوهمي الذي يتشدق به فلاسفة الاقتصاد حين يظهرون في وسائل الإعلام لتشجيع الحكومة على المشاريع المليارية وفي الوقت نفسه يحرضونها على راتب المواطن.
زبدة الكلام أن المواطن الكويتي هو أكبر محرك للاقتصاد إن ضيقتم عليه فسيتجمد الاقتصاد المحلي وسندخل مرحلة ركود لا بيع فيها ولا شراء ولن يشتري الناس أكثر من حاجتهم.
وستفلس الكثير من الشركات وستخلو تلك المجمعات العملاقة من روادها.
يجب التوقف عن ربط الإصلاح الاقتصادي بالتضييق علي معيشة المواطن.
فسبل الإصلاح كثيرة ووسائله أكثر، فقط ابتعدوا عن راتب المواطن ويرزقكم الله.
وإذا فيكم نشاط ورغبة في الإصلاح الاقتصادي فعلا فعليكم بفرض ضرائب على الشركات والمحلات والعمارات الكبيرة التي يذهب ثلاثة أرباع راتب المواطن لها.
نقطة أخيرة:
هذا تعريف كتب الاقتصاد للفائض من دخل المواطن يقول إنه من أهم المؤشرات على اقتصاد البلد فزيادته دليل صحة وعافية الاقتصاد القومي:
Disposable income is the amount of money that households have available for spending and saving after income taxes have been accounted for. Disposable personal income is often monitored as one of the many key economic indicators used to gauge the overall state of the economy.
آخر مقالات الكاتب:
- الإستجواب الغير مستحق
- أمنية من أهالي «عبدالله المبارك» لعناية وزير الأوقاف
- لا والله إلا شدو البدو يا حسين
- درس كبير في السياسة من صاحب السمو
- 2017 قررت أن أكون سعيداً
- بديت أشك في الوسادة
- توظف 8000 كويتي وتربح سنويا 200 مليون..لماذا تخصخصها وتفككها؟!
- مرحبا بملك السعودية التي هي سندنا يوم غيرنا مالقي له سند.
- إخضاع عمليات السمنة في «الخاص» لرقابة أقوى
- انتهت انتخاباتكم تعالوا نرجع وطناً